أظهرت دراسة حديثة أن فوائد التمارين الرياضية لا تقتصر على اللياقة البدنية أو الصحة النفسية فحسب؛ بل تمتد إلى "إعادة تنظيم" ميكروبيوم الأمعاء، وهذا يثبت الدور الحيوي الذي يؤديه الجهاز الهضمي في تعزيز صحة الجسم تعزيزاً شاملاً.
أجرى باحثون في جامعة "إديث كوان" (Edith Cowan University - ECU) في أستراليا دراسة ركّزت على شدة وكثافة التمارين بوصفه عاملاً فاعلاً في تشكيل البيئة الميكروبية للأمعاء أكثر من مجرد اتباع نظام غذائي صحي.
النتائج
أجرى الباحثون المتابعة على 23 لاعباً في التجديف على مستوى وطني، مقارنةً بين مرحلتي التدريب المكثف قبيل المنافسات الوطنية وفترة "الراحة" ذات الأحمال الأقل.
في مرحلة التدريب المكثف، ارتفعت مستويات الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، أبرزها الزبدات (butyrate) من 64 إلى 105 ملم-مول/ليتر، والبروبيونات (propionate) من 91 إلى 121 ملم-مول/ليتر، مما يشير إلى تحسين صحة بطانة الأمعاء وتقليل الالتهابات وتعزيز عمليات الأيض.
كما لاحظ الباحثون تكرر حركة الأمعاء؛ إذ تبرز 92% من الرياضيين في 24 ساعة في أثناء التدريب المكثف، مقارنة ببطء واضح في الهضم في فترات الراحة.
سجلت الدراسة ارتفاعاً في وفرة بكتيريا Bacteroidota، وانخفاضاً في نسبة Firmicutes/Bacteroidota، وهذا يرتبط عادة بتحسّن الأيض والحفاظ على الوزن الصحي.
تفاعلات التمارين مع الميكروبيوم
تؤدي التمارين المكثفة إلى زيادة إنتاج اللاكتات من العضلات، التي تصل إلى الأمعاء حيث تُستهلك بوساطة بعض الميكروبات وتتحول إلى أحماض دهنية قصيرة السلسلة، وهذا يُساعد في تنظيم درجة الحموضة ودعم نمو الميكروبات المفيدة.
وعلى الرغم من أن كميات البروتين والكربوهيدرات والألياف ظلت مستقرة في فترات الراحة، لوحظ انخفاض في جودة النظام الغذائي في هذه المرحلة، مع استهلاك أقل للفواكه والخضروات واعتماد أكبر على الأطعمة الجاهزة، ما أدى إلى بطء في الهضم وتراجع مستويات الأحماض الدهنية النافعة وانخفاض وفرة البكتيريا المفيدة.
الرسالة الأساسية
خلصت الدراسة إلى أن شدة التدريب البدني نفسها تؤدي دورًا أساسيًا في تشكيل البيئة الميكروبية للأمعاء، وليس النظام الغذائي وحده. وبالتالي، فإن ممارسة النشاط البدني بانتظام -سواء في صالات الرياضة، أم في أثناء ولوج الدراجة، أم في أثناء المشي السريع- يعزز صحة الأمعاء ويضيف بُعداً جديداً إلى قائمة فوائد الرياضة المتعددة.


