أكد السياسي السوري الدكتور كمال اللبواني، في مقابلة مع برنامج "إلى أين" عبر "هاشتاغ"، أن المؤشرات الحالية في سوريا تدل على احتمال تصاعد موجات عنف جديدة، خصوصاً في الساحل، مشيراً إلى أن ما يجري هو نتيجة لتنازع النفوذ بين القوى الإقليمية والدولية، وليس نتيجة خطة دولية ممنهجة لتقسيم البلاد.
المشهد السوري وتنازع النفوذ
يرى اللبواني أن جميع القوى المنخرطة في الملف السوري تسعى إلى تعزيز أوراق نفوذها، موضحاً أن "روسيا تملك ورقة الساحل، وتركيا تمسك بأوراق تنظيمية عبر الإخوان المسلمين وهيئة تحرير الشام، بينما تعتمد الولايات المتحدة على ورقة قوات سوريا الديمقراطية، وتحاول بريطانيا الدخول على الخط".
ويضيف: "هذه ليست خطة متفقاً عليها لتقسيم سوريا، بل صراع نفوذ يجعل المشهد يبدو وكأنه يسير نحو التقسيم، رغم غياب أي توافق دولي على ذلك".
النظام ومسار التقسيم
اعتبر اللبواني أن النظام الحالي "يسير نحو التقسيم برضاه أو رغماً عنه"، موضحاً أن "المنظمة الجهادية التي تحكم سوريا اليوم لا تؤمن بمفهوم الوطن أو الدولة، بل تسعى لإقامة دولة دينية على نهج فكر سيد قطب القائم على التكفير والهجرة".
ويقول: "النظام لا يؤمن بالشراكة الوطنية ولا بالمواطنة المتساوية، بل يحتكر السلطة والثروة ويقصي القوى السياسية والاجتماعية، بما فيها من داخل الأغلبية السنية".
تركيا اللاعب الأقوى
يصف اللبواني تركيا بأنها "اللاعب الأقوى اليوم في الساحة السورية"، مشيراً إلى أنها "تتحكم بنحو أربعة ملايين سوري، وبهيئة تحرير الشام، وتمارس نفوذاً عسكرياً واقتصادياً ومخابراتياً واسعاً".
ويضيف: "هذا النفوذ التركي المفرط يثير انزعاج إسرائيل، ويدفعها إلى التحرك لخلق توازنات جديدة في الشمال والجنوب".
روسيا والملف الساحلي
في حديثه عن الدور الروسي، قال اللبواني إن "روسيا، وتحديداً بوغدانوف والمجموعة المقربة منه، كانت وراء افتعال أحداث الساحل الأخيرة بهدف الضغط على تركيا والدول الأخرى"، مشيراً إلى أن "زيارة أحمد الشرع إلى موسكو جاءت لتقديم ضمانات جديدة للروس مقابل مواقفهم السياسية".
وأضاف أن موسكو "تحاول الحفاظ على قواعدها العسكرية وعقودها في النفط والفوسفات، لكنها ليست اللاعب الأساسي في تقرير مصير سوريا دون تعاون تركي وعربي".
الجنوب والسويداء بين نارين
حول الوضع في الجنوب، أوضح اللبواني أن السويداء "تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية"، قائلاً: "السلطة الحالية تكذب وتنتهك وتقتل ولا تلتزم بأي تعهد، ولهذا لا أحد في سوريا مطمئن اليوم، لا العلوي ولا السني ولا الدرزي ولا المسيحي".
وأضاف أن "السويداء وجدت نفسها بين خيارين: الخضوع لعنف هيئة تحرير الشام أو العمل تحت النفوذ الإسرائيلي، فاختارت القيادات المحلية الطريق الأقل خطراً".
الجيش الفيدرالي المقترح
فيما يتعلق بفكرة "الجيش الفيدرالي"، التي طرحها سابقاً، قال اللبواني: "هو المشروع الوحيد القادر على حل المشكلة في سوريا، يجب أن تكون هناك قوة أمنية محايدة تلتزم بقرارات مجلس الأمن 2254، وتدافع عن الشعب السوري بكل مكوناته دون أيديولوجيا".
وأوضح أن "الضباط رفضوا وضع هذا الجيش تحت سلطة أحمد الشرع، لأنه لا يمكن الوثوق بالسلطة الحالية لتكون مرجعية لأي مؤسسة وطنية مستقلة".
ملف وزارة الدفاع
تحدث اللبواني عن إمكانية عودة اللواء مناف طلاس إلى الواجهة، قائلاً: "طلاس شخصية توافقية يمكن أن تجمع الأطراف، لكنه يرفض أن يكون تحت سلطة أحمد الشرع".
وأضاف: "لا توجد أي دولة تدعم مناف طلاس حالياً، لكنه يملك حضوراً رمزياً، ومشروعه يستحق الدعم لأنه يقوم على فكرة جيش وطني مستقل".
العلاقات مع إسرائيل
رداً على سؤال حول علاقاته داخل إسرائيل، قال اللبواني: "نعم لديّ اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع شخصيات إسرائيلية، معظمها من مراكز أبحاث وأصدقاء قدامى".
وأكد أن "إسرائيل منقسمة بين جناح يميني متطرف يريد فرض السلام بالقوة، وجناح آخر يرى أن السلام الحقيقي ممكن إذا تغيّر الواقع في الدول المحيطة".
وأضاف: "اقترحت فكرة التطبيع دون توقيع، بمعنى التوجه نحو السلام دون تقديم تنازلات، وذلك لامتصاص العدوانية الإسرائيلية وإفشال مشروعها في إشعال الحروب".
الاحتمالات المقبلة
حول مستقبل سوريا، قال اللبواني إن "البلاد مقبلة على مرحلة خطيرة إذا لم يقبل أحمد الشرع بالسير مع الإرادة الدولية وتنفيذ إصلاحات حقيقية.
وأضاف: "في حال رفضه، سنشهد تصاعداً في الصراعات ودخول سوريا في دوامة عنف جديدة لا يحتملها الشعب ولا المنطقة".
وختم بالقول: "الفرصة الوحيدة لتجنب الانهيار هي القبول بتوزيع السلطات، واستقلال القضاء والبرلمان، وتشكيل جيش وطني غير مؤدلج. من دون ذلك، فإن العنف قادم لا محالة".


