هاشتاغ
بحث

أنس جودة لـ "هاشتاغ": مرسوم العدالة الانتقالية يعيد إنتاج المظلومية ويعمّق الانقسام

22/05/2025

أنس-جودة-هاشتاغ

شارك المقال

A
A

رأى المحامي والناشط الحقوقي أنس جودة أن المرسوم الصادر مؤخراً بشأن تشكيل "هيئة العدالة الانتقالية" في سوريا، رغم أنه أثار في بدايته مشاعر الأمل لدى ذوي عشرات آلاف الضحايا، إلا أن ما تضمنه من حصر للانتهاكات بـ"النظام السابق" أثار خيبة أمل كبيرة، معتبراً أن هذا الحصر يعيد إنتاج العنف ويعمّق المظلومية بين السوريين.


وقال جودة، في تصريحات لاستديو الأخبار في "هاشتاغ"، إن آلاف العائلات التي فقدت أبناءها خلال السنوات الماضية استبشرت خيراً فور صدور المرسوم، إذ بدا وكأنه خطوة في اتجاه الاعتراف الرسمي بحقوق الضحايا ومحاسبة الجناة، إلا أن "الشيطان يسكن في التفاصيل"، بحسب تعبيره، مشيراً إلى أن تقييد عمل الهيئة بكشف انتهاكات طرف واحد فقط، خلق صدمة لدى كثير من الناشطين والحقوقيين الذين طالبوا بتعديله فوراً ليشمل جميع الانتهاكات من دون استثناء.


وأوضح أن الخطورة تكمن في تجاهل الانتهاكات التي ارتكبتها مجموعات مسلحة أخرى قاتلت النظام، مثل "تنظيم الدولة" أو غيره من التشكيلات، لافتاً إلى أن ذلك يخلق تمييزاً غير عادل بين الضحايا، "وربما في العائلة الواحدة يكون أحد أفرادها قد فقد على يد قوات حكومية وآخر على يد جماعة مسلحة، فهل يحق لأحدهما المطالبة بالحقيقة والمحاسبة ويُحرم الآخر منها؟".


واعتبر أن هذه المقاربة أحادية الجانب تعيد إنتاج مشاعر الغبن وتؤسس لعنف مستقبلي، قائلاً: "ربما كان عدم إصدار المرسوم أصلاً أفضل من إصداره بهذه الطريقة الظالمة".


وأضاف جودة أن صدور المرسوم بهذا الشكل قد يعكس خشية من أن تصل المحاسبة إلى فصائل وتنظيمات شريكة في الإدارة السورية الجديدة، مؤكداً على ضرورة الواقعية في تناول هذا الملف.


وتابع: "بغض النظر عن الموقف السياسي من السلطة أو خلفيتها الجهادية، لا يمكن المضي قدماً في أي مشروع وطني إن لم يكن جامعاً لكل السوريين، وإن لم يُبنَ على أساس الاعتراف بمسؤوليات الجميع في ما جرى خلال سنوات الحرب".


وشدد على أن الجميع "ولغ في الدم السوري"، وبالتالي لا بد من تبني مقاربة عادلة: "إما أن يُحاسب الجميع الجميع، أو أن يُسامح الجميع الجميع"، مضيفاً أن المسامحة لا تعني إخفاء الجرائم أو كنسها تحت السجادة، بل تعني التصالح على أساس الحقيقة والعدالة، "وإلا فسنسقط جميعاً، ولن يُبنى وطن على هذا الأساس".


وفيما يتعلق بمرسوم إنشاء "هيئة المفقودين" الذي صدر بالتوازي مع مرسوم "العدالة الانتقالية"، قال جودة إن المبدأ ذاته ينطبق، مشيراً إلى أن الخشية تتزايد من أن تعمل الهيئة الجديدة على توثيق مفقودي طرف واحد فقط، ما يعني تكرار الخطأ ذاته.


وأشاد بتجربة "الآلية المحايدة والمستقلة لشؤون المفقودين" التي أُطلقت قبل نحو عامين، والتي بدأت عملها دون تمييز بين الأطراف المسؤولة عن حالات الفقد، وركّزت فقط على إثبات الحالة من أجل راحة ذوي المفقودين، قائلاً: "فقط عندما تعرف العائلة أن ابنها أو أخاها قد فُقد بالفعل، يمكنها أن تبدأ بطي صفحة الألم، أو على الأقل تقف على حقيقة ما جرى".


لكنه حذّر من أن يكون التنسيق بين "هيئة المفقودين" و"هيئة العدالة الانتقالية" محصوراً في طرف واحد، معتبراً أن هذا سيكون "كارثة من كوارث المرحلة"، وأن مثل هذه الهيئات يجب أن تكون حيادية وشاملة، وإلا فإن وجودها قد يكون أسوأ من غيابها.


وفي ختام حديثه، أشار جودة إلى أن الوضع المجتمعي في سوريا يسير نحو مزيد من التدهور والغليان، خاصة في ظل هذه الإجراءات التي تُفاقم النقمة في بعض المناطق وتُقابل بالرفض في مناطق أخرى، قائلاً: "النظر إلى الغرب ومحاولة إرضائه لن تُنقذ البلاد من الانفجار القادم، ولا يمكن لأي سلطة أن تستمر بهذه الطريقة، حتى وإن توفّر لها غطاء دولي".


وأكد أن الشرعية لا تُبنى إلا على توافق وطني حقيقي، وأن هذا التوافق بحاجة إلى حوار وشراكة، "وما لم يتحقق ذلك، فإن الانهيار والتقسيم سيكونان المصير المحتوم".

التعليقات

الصنف

سوريا

منشور حديثاً

الأكثر قراءة

تابعنا

مقالات ذات صلة

يستخدم موقع هاشتاغ والمنصات التابعة له ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك على الموقع، وتقديم محتوى مخصص، وتحليل استخدام الموقع. هل توافق على استخدامنا للملفات لهذه الأغراض؟ يمكنك رفض ذلك، وسنستخدم فقط الملفات الضرورية لتشغيل الموقع.

هاشتاغ بيحكي عنك

مؤسسة إعلامية مستقلة تعنى في مناصرة المواطنين في المنطقة العربية وتمكينهم والدفاع عنهم ونقل أخبارهم وفق المواثيق الأممية والقواعد المهنية

أسّسها محمد محمود هرشو

محمد محمود هرشو

جميع الحقوق محفوظة - Hashtag هاشتاغ © 2015 - 2025