هاشتاغ - خاص
كشف المحامي والسياسي السوري، زيد العظم، أنّ تقرير لجنة تقصي الحقائق توصّل إلى أنّ ما جرى في الساحل السوري يومي السابع والثامن من آذار/ مارس الماضي يرقى إلى مستوى "الجرائم"، وقد يرقى في بعض توصيفاته إلى "مجازر"، لا مجرد انتهاكات متفرقة كما حاولت بعض الجهات المحلية الترويج له.
وفي حديثه ضمن استديو الأخبار في "هاشتاغ"، أوضح العظم أنّ لجنة التحقيق ضمت محققين استقصائيين أوروبيين، دخلت إلى الأراضي السورية وتحديداً مناطق الساحل، والتقت شخصيات عامة وشاهدت كمّاً كبيراً من مقاطع الفيديو التي وثّقت الأحداث.
وأشار إلى أنّ هذه اللجنة عملت عملاً مستقلاً عن لجنة التحقيق المحلية، من دون الرجوع إلى الجهات السورية الانتقالية أو التنسيق معها، وهذا يعزز مصداقية ما توصلت إليه.
وانتقد العظم اللجنة المحلية المكلفة بالتحقيق في مجازر الساحل، قائلاً إنّ أعضاءها لا يتمتعون بالحد الأدنى من الخبرة المطلوبة في هذا النوع من القضايا.
وأضاف: "لا يكفي أن يكون عضو اللجنة محامياً أو قاضياً؛ بل يجب أن يكون له سجل عملي سابق في لجان تحقيق مشابهة وبتماس مباشر مع القضايا الكبرى المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة".
وأوضح أنّ الشروط الأساسية لتشكيل لجنة محايدة لم تكن متوفرة، سواء من حيث الخبرة أم من حيث الاستقلالية، سيما أن اللجنة جاءت بتكليف من السلطات الانتقالية، وهذا يثير ما يُعرف قانونياً بـ"الارتياب المشروع".
ولفت العظم إلى أنّ سلطات دمشق لم تصدر أي بيان رسمي يدين أو يرد على العقوبات التي فرضها الاتحاد الدولي، عادّاً هذا الصمت بمنزلة إقرار غير مباشر.
وأشار إلى وجود ثلاث قراءات ممكنة لهذا الصمت؛ الأولى أنّ بعض الأحداث حدثت في فترة لم تكن فيها كل الفصائل قد اندمجت رسمياً في الجيش السوري الجديد، وبالتالي تحاول السلطة تجنّب المسؤولية المباشرة.
بينما القراءة الثانية فتتعلق بتوازنات دولية وإقليمية؛ إذ أبدت بعض الأطراف رغبة في تحميل تركيا الجزء الأكبر من المسؤولية، خصوصاً أن عدداً من الأسماء المرتبطة بالمجازر يُنظر إليها على أنّها مدعومة من أنقرة.
وفيما يخص القراءة الثالثة فتُشير إلى احتمال وجود تنسيق غير معلن بين بعض الدول الأوروبية ودمشق من أجل تمرير هذه المرحلة من دون تصعيد، على أن تُستخدم هذه الملفات لاحقاً في سياقات دبلوماسية.
ورداً على سؤال عن تأثير العقوبات، قال العظم إنّ قيمتها الرئيسية تكمن في بعدها المعنوي والرمزي؛ إذ إنها تُمثل اعترافاً دولياً موثقاً بأن ما حدث في الساحل السوري لم يكن حدثاً عارضاً؛ بل انتهاكاً منظماً يستوجب المحاسبة.
وأشار إلى أنّ تقرير الاتحاد الدولي لكرة القدم قد يمهّد لمزيد من العقوبات في المرحلة المقبلة، وربما يتم إعلان أسماء جديدة في الأسابيع القادمة.
وعن قدرة لجنة التحقيق المحلية على إصدار نتائج تدين شخصيات من الجيش أو الأمن، أوضح العظم أنّ صلاحيات اللجنة تُحصر في تقصي الحقائق وتوثيق الأدلة والشهادات، قبل رفع التقرير إلى رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وهو الوحيد المخوّل اتخاذ إجراءات لاحقة.
لكنه أبدى شكوكاً عن استعداد القيادة الانتقالية للتعامل بجدية مع نتائج قد تمس أسماء فاعلة ضمن "الجيش السوري الجديد"، خصوصاً أنّ بعض الأسماء المذكورة، مثل فهيم عيسى، ومحمد حسين الجاسم، وأبو بكر بولاد، يتولون مناصب حساسة في مناطق نفوذ مختلفة.
ورأى العظم أنّ إدراج أسماء قيادات عسكرية مرتبطة بأنقرة في قائمة العقوبات يمكن أن يُفهم رسالة موجهة إلى تركيا، خاصة في ظل تراجع أدوار إقليمية أخرى مثل إيران و"حزب الله"، وبروز الفاعل التركي محوراً رئيساً في الملف السوري.
وتوقّع أن يكون هذا الضغط مرتبطاً بملفات أخرى، مثل تسوية ملف "قسد"، ورسم حدود النفوذ في البحر المتوسط، وهذا يشير إلى تشابك المصالح الإقليمية والدولية في الملف السوري.
وفي ردّه على احتمال استخدام هذه العقوبات بوصفها ذريعة لإقصاء شخصيات لا ترغب فيها جهات محلية أو دولية، قال العظم إنّ هذه المسألة تبقى رهناً بموقف رئيس المرحلة الانتقالية.
وأضاف: "أعتقد أن أحمد الشرع لن ينسى الدور المحوري الذي أدته المسيّرة التركية (شاهين) في إسقاط بشار الأسد ووصوله إلى قصر الشعب. وهذا قد يجعل مسألة التخلص من بعض الشخصيات المرتبطة بأنقرة معقدة للغاية".
