بعد سنوات طويلة من الغياب والحرمان، ووسط تقارير تفيد بمتابعتها أمنياً، عادت السيدة أسماء كفتارو إلى سوريا في زيارتها الثانية خلال الأشهر الماضية، والتي وصفتها بـ"الفتح الكبير" و"المعجزة الإلهية"، معتبرةً أن سوريا تحتاج اليوم إلى تكاتف أبنائها من أجل إعادة إعمارها أخلاقياً واجتماعياً.
وقالت كفتارو في حديثها لبرنامج "إلى أين" عبر "هاشتاغ" إنها لطالما دعت الله أن "يفتح لها أبواب الشام"، معتبرةً أن الفتح قد تحقق اليوم، ليس لها فقط، بل لكل السوريين والسوريات القادمين من الخارج إلى بلدهم المكلوم بعد 13 عاماً من الحرب والدمار.
وأوضحت أن زيارتها الأولى، التي كانت قبل أشهر، حملت طابعاً شخصياً بهدف زيارة الأهل والأقارب، لكنها كانت زيارة صادمة نفسياً إلى درجة أنها لم تتمكن من تذكّر أي مشهد منها. وقالت: "عندما عدت إلى الإمارات بعد الزيارة، كنت في حالة صدمة شديدة، لدرجة أن ذاكرتي لم تحفظ أي شيء. الصدمة كانت أكبر من قدرتي على الاستيعاب، لم أكن قادرة على رؤية أي شيء، ولم أحتفظ بصورة واحدة في ذهني".
أما عن زيارتها الثانية، فقالت إنها "مختلفة كلياً"، مضيفة: "هذه المرة بدأت أرى سوريا بعين مختلفة. ما زلت في أجواء العائلة، لكنني بدأت أشعر أن عليّ واجباً تجاه بلدي؛ واجباً أخلاقياً، وإنسانياً، واجتماعياً… يجب أن نبدأ بالتكاتف لتكون زياراتنا أكثر إيجابية وفاعلية لهذا البلد العظيم".
واعتبرت كفتارو أن مجرد القدرة على الدخول إلى البلاد مجدداً بعد سنوات من الملاحقة وطلبات الاعتقال هو "فتح كبير"، وتابعت: "أسمّيه الفتح الكبير، والمعجزة التي منحنا الله إياها كي نخرج من البؤس والحزن والظلم والقهر".
لماذا كانت تحت الملاحقة الأمنية؟
رداً على سؤال حول الأسباب التي دفعت النظام السوري لملاحقتها، رغم أنها تنتمي إلى عائلة دينية كانت محسوبة سابقاً على المؤسسة الرسمية، وما إذا كان ذلك مرتبطاً بتصريحات زوجها محمد حبش، أجابت كفتارو بالنفي القاطع.
وأوضحت: "مؤسسة كفتارو لم تكن يوماً داعمة لأي ظلم أو قهر. هي مؤسسة دينية، اجتماعية، تعليمية، وتربوية، خدمَت المجتمع السوري بكل مكوناته، ولم تكن حكراً على فئة أو طائفة".
وأضافت: "حتى اليوم لا أعلم ما السبب وراء ملاحقتي. لم تكن هناك مراجعة، بل ترصّد وطلب اعتقال. أنا لم أُدلِ بأي تصريح سياسي طيلة السنوات الـ13 الماضية، لكنني كنت صادقة، لم أزاود، لم أجامل، ولم أساوم على آلام الناس. وربما هذا ما لم يكن يعجبهم".
وكشفت أن التقارير الأمنية التي صدرت بحقها كانت تصفها بأنها "أشد من الأسود"، قائلة: "لم أكن رمادية، بل أكثر من السواد كما وُصف لي. ربما لأنني لم أتقرب منهم، رغم أنني طُلبت أكثر من مرة. والله العظيم، طُلب مني مراراً، وكان جوابي دائماً: أنا لا أدوس على آلام السوريين، ولا أزيد جراح الأمهات جروحاً، ولا أتكلم بما يجعل أسرتي في خانة السواد".
"متفائلة بحذر"
بعد مرور نحو شهرين ونصف على تسلّم الإدارة الجديدة لمقاليد السلطة في سوريا، عبّرت كفتارو عن تفاؤلها المشوب بالحذر تجاه المرحلة المقبلة، موضحة أن البلاد لا يمكن أن تتغير في غضون أسابيع قليلة، خاصة بعد هذا الدمار الكبير.
وقالت: "أنا معروفة بأني دائماً أبحث عن الإيجابيات. لا يمكن الحكم على إدارة بلد مثل سوريا خلال شهرين ونصف، خاصة بعد هذا الكم من الدمار، سواء دمار الحجارة أو النفوذ أو الشخصيات".
وأضافت: "نحن اليوم في مرحلة تحريك المفتاح، وهي البداية فقط. لدي تفاؤل بأن الغد سيكون أجمل، وأن السوريين سيلتفون مجدداً تحت سقف وطن واحد، لكن هذا لا ينفي وجود المخاوف".
وشرحت بعضاً من هذه المخاوف بالقول: "نخاف من الانجرار إلى أماكن لا نريدها، من التهميش، من الإقصاء، من الغاء الآخر. نتمنى أن تكون الأيام القادمة أكثر شمولية، أن نستمع لآلام الناس، وأن نعمل فعلياً لبناء بلدنا من جديد".