رأى عضو المكتب السياسي لحركة التغيير الديمقراطي، زياد وطفة، أن سقوط نظام الأسد منح السوريين "فرصة تاريخية" لاستعادة حرياتهم والمشاركة في مصير وطنهم. وأوضح أنه لم يعد هناك قوة في دمشق قادرة على منع "الفسحة من الحرية" المتاحة، لكن نجاح هذه الفرصة يتطلب مساراً واضحاً يتجاوز التجارب السابقة في المنطقة.
وقال وطفة في تصريحات لبرنامج "إلى أين" عبر "هاشتاغ" إن "فرصة تاريخية أمام السوريين" توفرت بعد سقوط النظام، مضيفاً: "لا يوجد في دمشق إدارة تستطيع أن تمنع هذه الفرصة".
لكن وطفة حذر أيضاً من أن هذه الفرصة بدأت تتضاءل؛ فالخطاب الإيجابي للإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرح – الذي وصفه سابقاً بالرئيس انتقالياً – يتناقض مع بعض "الممارسات المقلقة التي تهدد السلم الأهلي"، حسب قوله.
انتقادات لتوجه المؤتمر الوطني
وصف وطفة تصريحات أعضاء لجنة مؤتمر الحوار الوطني بأنها "مربكة وضبابية"، مشيراً إلى أن استبعاد فصائل مسلحة أو الاقتصار على الأفراد قد يشير إلى "إرهاب فكري" يهدد شرعية أي عملية شاملة، قائلاً: "هذا إقصاء مقصود للأطراف التي لا ترغب في بناء سوريا تشرك فيها الجميع".
كما اعتبر أن مجلس سوريا الديمقراطي، ورغم أنه لا يحمل السلاح، يرفض المشاركة حالياً بسبب شروط غير واضحة، مضيفاً: "قسد مؤهلة ومرشحة لتمثيل سوريا المستقبل"، معتبراً أن تسليم السلاح يجب أن يتم لجهة منتخبة عامة، لا لصالح "جهات تؤيد بيانياً احتلالاً تركياً أو تهديداً للسلم الأهلي".
الإدارة الذاتية كنموذج بديل
وصف وطفة تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بأنها "أفضل نموذج عملي لإدارة بعد النظام السابق"، مشيراً إلى أنها "حاربت الإرهاب، وأصدرت قوانين عصريّة، ومثّلت مختلف المكونات السورية". لكنه نوه إلى أن هذه التجربة ما تزال سلطة فرض واقع، وليست بديلاً دستورياً قائماً بحد ذاته، ويجب دراستها وتطوير عناصرها الإيجابية واخضاعها للشرعية الشاملة.
كما عبّر وطفة عن ترحيبه بظهور قوى سياسية مدنية جديدة، ووصف ذلك بـ"ظاهرة طبيعية وإيجابية"، قائلاً: "لكنّ تشتت هذه القوى المجزّأ يهدّد وحدة المشروع الوطني". وأضاف أن حركة التغيير الديمقراطي تشارك في تأسيس تحالف واسع يضم قوى متعددة (مثل التنسيق الوطني، ومجلس سوريا الديمقراطي)، بهدف إعداد وثيقة دستورية ودعوة مؤتمر وطني بعد الانتخابات التشريعية.
قلة الإجراءات على الأرض
رغم بعض اللقاءات مع ممثلين رسميين في دمشق، قال وطفة إن "الخيار الحقيقي لم يُترجم لتصريحات بأفعال ملموسة". وأكّد أن تهديد السلم الأهلي مستمر بسبب "ممارسات فردية طائفية، واستمرار اختلال التوازن الأمني في الشمال، وتردي الخدمات كلحم الخبز والكهرباء والماء"، إلى درجة تدفع السكان للقلق.
ورأى أن الفرصة لا تزال قائمة إذا ما وضعت النوايا وبدأت إدارة جديدة تبنّي مبادرة وطنية تشمل السوريين جميعاً تحت دولة مدنية عادلة، قادرة على وقف تفلّت السلم الأهلي ومنع تردّي الحريات. لكنه ختم بتعبيره الحكيم: "الفرصة تضيق، لكن لم تُفقد، طالما أنّ الإرادة السورية وحدها قادرة على إغلاق الباب أمام الفوضى وبناء وطن متساوٍ للمواطنين جميعاً."