اعتبر عضو الهيئة الرئاسية في مجلس سوريا الديمقراطية علي رحمون أن إدارة الحكم الذاتي في شمال شرق سوريا لم تغب عن المشهد السوري رغم قلة البيانات الرسمية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لم تتخلّ عن الأكراد، وإنّما أعادت تموضع قوتها في مناطق الشمال الشرقي، في انتظار استقرار سياسي وتجاري قد يستغرق عاماً أو عامين.
وأوضح رحمون، خلال تصريحات لاستديو الأخبار في "هاشتاغ"، أن التحالف الدولي بقيادة واشنطن وفرنسا سيبقى موجوداً حتى تتهيأ الأوضاع في سوريا.
وكشف رحمون أن القاعدة الأمريكية انتقلت من قواعد عمر وشدادي إلى رميلان وكوباني، مؤكداً أن الوجود الأجنبي لن يستمر في سوريا بعد تحقيق الاستقرار السياسي. وأضاف: "أميركا لا تقرر وحدها الانسحاب، فالتحالف الدولي باقٍ ما لم تستقرِّ الأمور على الصعيدين السياسي والاقتصادي".
وبشأن رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية جزئياً عن مناطق الإدارة الذاتية، رحب رحمون بالقرار باعتباره خطوة إيجابية لكل السوريين، لا سيما بعد تجارب رفع العقوبات سابقاً التي طُبقت بشروط محددة. وقال: "رفع العقوبات يحتاج إلى إجراءات طويلة بحيث لا يستعيد النظام المصرفي عمله قبل عودة ثقة البنوك الدولية في الليرة السورية".
ولمست الإدارة الذاتية آثار رفع العقوبات أولاً عبر استقرار سعر الصرف، وثانياً عبر تواصل أولي مع المستثمرين المغتربين والأوروبيين للاستطلاع حول الفرص الاقتصادية. وأشار رحمون إلى أن دخول سوريا مجدداً في المنظومة النقدية الدولية، سواء عبر "سويفت" أو نظام التحويلات المصرفية الأوروبي، سيعزّز الحركة التجارية بشكل سريع.
وبيّن رحمون أنّ مناطق الإدارة الذاتية، التي لا تزال تعتمد الليرة السورية وتعاملاتها المصرفية عبر البنك المركزي بدمشق، لن تنفصل عن الأزمة الاقتصادية السورية، مطالباً بإلغاء العقوبات عن البنك المركزي لتسهيل استقدام الاستثمارات. وأكد: "لا يمكن لشركة أن تفتح اعتمادات دون رفع القيود عن المركزي، لذا فإن الإدارة الذاتية معنية بالموازنة النقدية كلّها كما سائر السوريين".
ورداً على سؤال حول استمرار القطيعة بين الإدارة الذاتية والحكومة في دمشق، أوضح رحمون أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية ورئاسة الحكومة الانتقالية بُني على تدرّج تنفيذي بطيء، مشيراً إلى خطوات أولى مثل عودة النازحين من عفرين وإعادة انتشار لقوات الأمن المحلي في مناطق الشيخ مقصود والأشرفية بحلب. وقال: "التواصل مستمر علنيّاً وسريّاً، وهناك وفد حواري مُشكّل لبلورة حوارات مع دمشق وقد يغادر قريباً إلى العاصمة".
وعن حادثة محاولات اقتحام سدّ تشرين، اعتبر رحمون أنّها محاولة من فصائل منفلتة لعرقلة تنفيذ الاتفاق، مؤكداً أن الاشتباك انتهى سريعاً بعد تسوية بين الطرفين. وأضاف: "هناك فصائل غير منضبطة كانت تحاول إرباك الوضع الأمني، لكن الجيش السوري والأجهزة المختصة تداركا الموقف".
وفيما يتعلق بتنفيذ بنود الاتفاق بعد رفع العقوبات الأميركية والأوروبية، أشار رحمون إلى أن التفاوض سيحتوي على لجان متخصصة لكل ملف سياسي واقتصادي وعسكري وأمني، برعاية دولية فضلاً عن رعاية واشنطن وباريس، مع توقعات ببداية تطبيق فعلي قبل نهاية العام. وقال: "الكرد ليسوا طرفاً معزولاً، بل هم جزء من مكونات الإدارة الذاتية التي تضم عرباً وسرياناً وأشوريين وتركماناً، والوفد التفاوضي يعكس هذا التنوع".
وحذّر رحمون من تحرّك خلايا داعش في بعض جيوب الشمال الشرقي، معتبراً أن التنظيم يستغلّ تشابك المصالح الإقليمية لخلق فوضى أمنية، مؤكداً أن قوات سوريا الديمقراطية تعمل بالتنسيق مع الحكومة السورية الشرعية لمحاربة أي تمدّد جهادي. وأضاف: "داعش لا يزال له خلايا تحاول استغلال التوتر لتقويض الاستقرار، ولابد من يقظة مستمرة من جميع الأطراف".
وعن موسم حصاد القمح، لفت رحمون إلى أن الموسم الحالي يُعدّ ضعيفاً بسبب الظروف المناخية، لكنه أكّد استعداد الإدارة الذاتية للتعاون مع الحكومة في دمشق لضمان توزيع المحصول عبر لجان مشتركة، مشدداً على أن الثروات الطبيعية ملك للشعب السوري، وأن آليات الرقابة يجب أن تكون شفافة وعادلة.
وقال: "لا نمنع الفلاحين من استخدام مراكز الحكومة، والعائد هو حق للشعب السوري، وآليات التوزيع تحتاج تنسيقاً عبر لجان مشتركة لعدم شلل القطاع الزراعي".
وختم علي رحمون مؤكداً حاجة سوريا إلى خطة اقتصادية متكاملة بعيداً عن الشعارات العاطفية والاقتصاد الافتراضي، داعياً إلى رسم مؤشرات واضحة وتحريك الموارد البشرية والإنتاجية المحلية، والتحرر من التواكل على الخارج.