هاشتاغ - متابعة
أثارت تصريحات الباحث والصحفي الإسرائيلي، إيدي كوهين، خلال مشاركته في مؤتمر لدعم الأقليات عُقد في تل أبيب، تفاعلاً واسعاً بعد طرحه مقترحاً لتأسيس ما وصفه بـ"تحالف إسرائيلي مع أقليات" تضم مجموعات دينية وقومية في المنطقة، معتبرًا أن من شأنه "إعادة تشكيل الشرق الأوسط".
وبحسب وسائل إعلام عبرية، أوضح كوهين أن المبادرة المقترحة تستهدف تعزيز التواصل مع الأقليات الآشورية، والأكراد، واليزيديين، والمسيحيين، والدروز، والعلويين، مضيفًا أن هذه المقاربة لا تستبعد، وفق رؤيته، التأثير في شخصيات أو قوى إقليمية مثل النظام السوري والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في تصريح أثار تساؤلات حول حدود التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة.
وأوضح كوهين أن الهدف المعلن هو حماية الأقليات وبناء شراكات استراتيجية، إلا أنه أشار إلى تصورات تشمل إقامة كيانات مستقلة في بعض مناطق سوريا، من بينها "كيان علوي على الساحل"، وهو ما يثير نقاشًا حول انعكاسات مثل هذه الطروحات على وحدة الدول وسيادتها وسلامة أراضيها.
خلفيات ودلالات
يرى محللون أن الطرح يأتي في سياق توجه إسرائيلي يعتمد بصورة متزايدة على أدوات "القوة الناعمة" والاتصالات الاقتصادية والاجتماعية والإعلامية لتعزيز النفوذ الإقليمي، بعيداً عن التدخلات العسكرية المباشرة، في مقاربة تهدف ـ بحسب تقديرات ـ إلى التأثير في البيئة الإقليمية بما يخدم المصالح الإسرائيلية.
وتشير آراء أخرى إلى أن هذه الاستراتيجية تسعى إلى تقليص التوتر على الجبهة الشمالية، وتوسيع دوائر التطبيع المجتمعي، وخفض تكلفة النفوذ عبر بناء علاقات مع أطراف محلية في المنطقة. غير أن منتقدين اعتبروا أن تمثيل الأقليات في المؤتمر كان محدوداً، بينما ترى فئات منها أن هذه المقاربات قد تستخدم قضاياها لأغراض سياسية لا تعكس أولوياتها الداخلية.
انعكاسات على الداخل السوري
تتزامن هذه الطروحات مع مرحلة انتقالية تشهدها سوريا بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع، وسط نقاشات داخلية حول مستقبل العقد الاجتماعي وضمان المشاركة المتوازنة بين مكونات المجتمع.
ويرىمختصون أن التعامل مع مثل هذه المبادرات الخارجية يتطلب تعزيز مسارات وطنية تضمن الحقوق المتساوية والتمثيل العادل، بما يقلّص فرص التوظيف السياسي لقضايا المكوّنات السورية.
من زاوية أوسع
تطرح تصريحات كوهين تساؤلات بشأن الدور الذي يمكن أن تلعبه الأطراف الخارجية في إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة، وطبيعة المبادرات التي تُطرح تحت عناوين "حماية الأقليات" بينما ترتبط ـ وفق محللين ـ باعتبارات سياسية تتجاوز البعد الإنساني.
ويؤكد خبراء أن التصدي لأي محاولات استقطاب خارجي يستند بالأساس إلى تعزيز قيم المواطنة، والمساواة، والعدالة الاجتماعية داخل الدول، بما يحصّن المكونات المحلية من الدخول في محاور إقليمية متنافسة.
وفي السياق ذاته، تشير تقارير وتحليلات إلى سعي إسرائيل لبناء شبكة علاقات اقتصادية وأمنية مع بعض المجتمعات الحدودية في سوريا، من دون وجود عسكري مباشر، ضمن مقاربة تُوصف أحياناً بـ"التأثير الناعم"، تقوم على تقديم خدمات في مجالات مثل الكهرباء والمياه والاتصالات والخبرات التقنية، مقابل أدوار محلية تُمنح لهذه المجتمعات في إدارة احتياجاتها.
وبحسب محللين، يستند هذا التوجه إلى ثلاثة محاور رئيسية:
1. تقليل التوتر شمالاً عبر علاقات مباشرة مع مجتمعات حدودية.
2. تطبيع مجتمعي تدريجي يجعل التعاون واقعاً معاشاً لا قراراً رسمياً فقط.
3. خفض تكلفة النفوذ بالاعتماد على شركاء محليين بدلاً من الانخراط المباشر.
غير أن هذه المقاربة تواجه تحديات واضحة، من بينها محدودية التمثيل في المؤتمرات المعنية، ورفض بعض المجتمعات المحلية لهذه الطروحات باعتبارها غير منسجمة مع أولوياتها، إضافة إلى ممانعة متوقعة من قوى إقليمية كبيرة لأي توجه يمس توازناتها.
كما يُسجّل أن الوعي المجتمعي السوري يبقى حساساً تجاه المبادرات ذات الخلفية الإسرائيلية، ما يضع علامات استفهام حول قابلية استمرار هذا النهج على المدى الطويل، وفق تقرير لصحيفة "المدن" اللبنانية.


