منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، يكثف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الضغوط على إيران بضرب الحوثيين في اليمن المدعومين من طهران. كما هدد بتحميل إيران المسؤولية المباشرة عن الهجمات الجديدة التي يشنها الحوثيون على السفن التجارية قبالة اليمن.
وقال سينا توسي من مركز السياسة الدولية إن الضربات الأميركية في اليمن "تتوافق مع استراتيجية واشنطن: زيادة التوتر، وإحداث شعور بكارثة وشيكة، ومن ثم محاولة فرض حل في سياق سياسة الضغوط القصوى على طهران".
بموازاة ذلك، فرض ترامب العديد من العقوبات على إيران خصوصا على قطاع النفط.
لكن ترامب أعلن أيضا في السابع من آذار/مارس، أنه وجّه رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي تقترح إجراء مفاوضات وتحذر من تحرّك عسكري محتمل في حال رفضت إيران.
التناقضات داخل إدارة ترامب
بيد أن ثمة تضاربا في التصريحات في واشنطن، وهي علامة محتملة على وجود انقسامات داخل إدارة ترامب.
قال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية: "يبدو أن هناك الكثير من التناقضات داخل إدارة ترامب بشأن إيران، وعاجلا أم آجلا، ستظهر إلى العلن".
ويقول المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إن هدف ترامب هو تجنب صراع عسكري من خلال إقامة علاقة ثقة مع إيران، مشددا على أن الرسالة ليست بمثابة تهديد.
لكن آخرين، مثل مستشار الأمن القومي، مايك والتز، يصرون على "التفكيك الكامل" لبرنامج إيران النووي. وقال لمحطة "سي. بي. إس" الأحد: "كل الخيارات مطروحة على الطاولة، وحان الوقت لكي تتخلى إيران تماما عن رغبتها في امتلاك سلاح نووي".
وقال علي واعظ من مجموعة الأزمات الدولية: "عموما، هناك الرئيس نفسه والسيد ويتكوف، لكن لا أظن أن في الإدارة أي شخص آخر يشاركهما هدف التوصل إلى اتفاق متبادل المنفعة" مع إيران.
وتأتي اليد الممدودة إلى إيران في وقت تبدو طهران في وضع ضعف، بعدما منيت بانتكاسات عدة في المنطقة منذ هجوم "حماس" على إسرائيل، خصوصاً في سوريا بعد سقوط بشار الأسد في كانون الأول/ديسمبر، وفي لبنان حيث أُضعف "حزب الله" كثيرا لا سيما بعدما قضت إسرائيل على الكثير من قادته وعلى رأسهم أمينه العام حسن نصرالله.
وردا على واشنطن، أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الاثنين إلى أن "الطريق مفتوح لإجراء مفاوضات غير مباشرة"، رافضا احتمال إجراء محادثات مباشرة مع واشنطن ما لم يتغير موقف الطرف الآخر تجاه طهران.
والجمعة، أكد خامنئي أن الأميركيين "لن يصلوا الى نتيجة أبدا" عبر تهديد إيران.
وخلال ولاية دونالد ترامب الأولى، انسحبت الولايات المتحدة أحاديا في العام 2018 من الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، وأعادت فرض عقوبات على إيران. وينص الاتفاق على رفع عدد من العقوبات عن إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
وبعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق، تراجعت إيران عن التزاماتها تدريجا. ومطلع كانون الأول/ديسمبر، أعلنت طهران أنها بدأت تغذية أجهزة طرد مركزي جديدة في موقع فوردو "ما من شأنه على المدى الطويل إحداث زيادة كبيرة في معدل إنتاج اليورانيوم المخصب عند مستوى 60%"، وفق الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وببلوغها عتبة تخصيب عند مستوى 60%، تقترب إيران من نسبة 90% اللازمة لصنع سلاح نووي.
ويثير البرنامج النووي الإيراني مخاوف لدى الدول الغربية التي يتهم بعضها طهران بالسعي إلى تطوير سلاح ذري، وهو ما تنفيه إيران على الدوام.
ومع عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في كانون الثاني/يناير، عاود ترامب اعتماد سياسة "الضغوط القصوى" عبر فرض عقوبات على إيران، في استكمال للنهج الذي اتبعه في ولايته الأولى.
وقال أليكس فاتانكا من معهد الشرق الأوسط "أظن أن الرئيس ترامب مصمم على التوصل إلى اتفاق مع إيران. لكن لا أظن أنه قرر بالضرورة الشكل الذي سيكون عليه هذا الاتفاق".
وأضاف: "إذا تصرفت إيران بذكاء، ستستغل هذه الفرصة وتقول: حسنا هذا رئيس أميركي لا يبدو منخرطا بشكل كبير في هذه المسألة. هو فقط يريد أن يكون قادرا على القول إنه أبرم اتفاقا أفضل من ذاك الذي أبرمه (الرئيس السابق باراك) أوباما في عام 2015".