هاشتاغ - متابعة
بعد 24 ساعة من الغارات الأولى غير المسبوقة التي شنّتها "إسرائيل" على أنحاء متفرقة من إيران وقتلت فيها عدداً من كبار القادة العسكريين ومسؤولي الملف النووي ودمرت خلالها عدداً من مراكز الدفاعات الجوية والمفاعلات النووية، أطلقت إيران موجات متتالية من الصواريخ الباليستية والطيران المسير أحدثت دماراً كبيراً في تل أبيب وأوقعت عدة قتلى وعشرات الجرحى.
ساعات مرت على بداية حرب جوية مدمرة قد لا تنتهي قريباً وربما تؤدي إلى تداعيات تغيّر معالم المنطقة مرة واحدة وإلى الأبد. فالعاصمة الإيرانية طهران كانت على موعد مع دوي انفجارات ضخمة عند الساعة الثالثة والنصف من فجر يوم الجمعة، تبيّن لاحقاً بحسب التصريحات الإعلامية أنها استهدفت مناطق سكنية لمسؤولين إيرانيين كبار بينهم كبار القادة العسكريين المسؤولين عن الدفاع الجوي وعلماء ومسؤولين عن البرنامج النووي الإيراني.
خسائر إيران

بحسب التقارير الإعلامية الإيرانية والإسرائيلية فقد أدت الضربات الجوية الدقيقة على مقرات عسكرية وشقق سكنية إلى مقتل نحو عشرين من كبار القادة العسكريين الإيرانيين منهم حسين سلامي، القائد العام للحرس الثوري الإسلامي، وغلام علي رشيد، قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي، ورئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري وأمير علي حاجي زادة، قائد سلاح الجو، إلى جانب مجموعة من قوات الحرس الثوري الأخرى.
كما أدت الضربات بحسب وكالة تسنيم للأنباء التابعة للحرس الثوري الإيراني إلى مقتل ستة علماء نوويين.
هذا في القوى البشرية المعنية بالبرنامج النووي الإيراني والقيادة العسكرية، أما في البنى التحتية فقد أصابت عشرات الغارات التي شنتها نحو 200 طائرة إسرائيلية "أكثر من 100 هدف"، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وأظهرت لقطات مصورة اشتعال النيران في العديد من المواقع والأبنية داخل طهران وخارجها، ودوت بعد ساعات من الضربات الأولى، انفجارات ضخمة في منشأة نطنز النووية، التي تبعد نحو 225 كيلومترا جنوب العاصمة، وفقا لوسائل إعلام رسمية إيرانية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي استهداف المنشأة النووية مشيراً إلى وقوع أضرار جسيمة في المنشأة النووية التي تعتبر الأهم في البلاد.
كما أعلن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وقوع أضرار محدودة في مفاعل "فودرو" لتخصيب اليورانيوم.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تصريحات صحفية أنه قرر توجيه الضربة الجوية ضد إيران في نيسان الماضي لكنها لم تحصل آنذاك لأسباب عدة، لكن إسرائيل وجهت اليوم ضربات جوية دقيقة إلى "قلب برنامج التخصيب النووي الإيراني وبرنامج التسليح من خلال استهداف منشأة التخصيب الرئيسية في نطنز وكذلك برنامج الصواريخ البالستية التي كانت تشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل".
ما هي التداعيات وكيف ردت إيران؟
قال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إن على إسرائيل "أن تتوقع عقاباً شديداً"، بينما وصفت وزارة الخارجية الهجوم بأنه "إعلان حرب" وأكدت أن القوات المسلحة الإيرانية "لن تتردد في الدفاع عن سيادة إيران بكل قوتها وبالطريقة التي تراها مناسبة".
ولم تتأخر عملية الرد الإيراني على تل أبيب، حيث دوت صفارات الإنذار فجر يوم الجمعة في مختلف المناطق الإسرائيلية وتم إعلان حالة الطوارئ وتوجيه السكان للنزول إلى الملاجئ خشية رد صاروخي إيراني كما حصل في الاشتباكين السابقين عام 2024.
وقال الجيش الإسرائيلي إن إيران أطلقت نحو 100 طائرة مُسيّرة باتجاه إسرائيل صباح الجمعة وتم اعتراضها، لكن بحلول مساء يوم الجمعة كانت الصواريخ الإيرانية تنهمر في تل أبيب وغيرها من المناطق، وقد وثقت الصور والفيديوهات عدة إصابات في الأحياء الراقية من المدينة وحدوث دمار كبير في الأبنية، رغم نجاح الدفاعات الجوية الإسرائيلية في إسقاط الكثير من الصواريخ الإيرانية والطيران المسير.
وفي صباح يوم السبت وصلت موجات جديدة من الصواريخ الإيرانية وأصابت بحسب الصحافة الأسرائيلية منطقة "ريشون لتسيون" جنوب تل أبيب وأدت لمقتل وإصابة العديد من الإسرائيليين وإحداث دمار كبير في الأبنية.
وقال الحرس الثوري الإيراني إن "عشرات الصواريخ الباليستية الإيرانية أصابت بدقة أهداف إستراتيجية إسرائيلية منها مراكز عسكرية وقواعد جوية لجيش الاحتلال" .
وحتى ساعة إعداد هذا التقرير ماتزال الموجات الصاروخية المتبادلة تشل الأجواء في منطقة الشرق الأوسط، حيث تحدثت وسائل الإعلام عن سادس رشقة صاروخية إيرانية تستهدف إٍسرائيل وشملت مناطق الشمال والجنوب في منطقة إيلات والنقب حيث المفاعل النووي الإسرائيلي "ديمونا".
بالمقابل، أعلنت تل أبيب أن سلاح الجو الإسرائيلي مايزال يوجه عبر الطيران الحربي والطيران المسير الضربات المتتالية على مناطق متفرقة من إيران وخصوصاً منصات إطلاق الصواريخ.
دمار غير مسبوق.. وتل أبيب تحذّر

أظهرت الصور والفيديوهات إصابة العديد من المباني والمناطق الإسرائيلية بالصواريخ الإيرانية وحدوث دمار واشتعال نيران في مواقع سقوط الصواريخ مع حديث الإعلام الإسرائيلي عن دمار غير مسبوق ووقوع عدة قتلى وعشرات الإصابات.
واعتبر قائد شرطة تل أبيب أن الهجوم الإيراني "يمثل حدثاً كبيراً شمل عدداً كبيراً من المواقع، وأن قوات الإنقاذ تحاول الوصول إلى محتجزين داخل ملاجئ مغلقة" مشيراً إلى أن المنطقة تعرضت لعدة أنواع من الصواريخ، وأن هناك مباني انهارت وأخرى دُمرت فيها طوابق كاملة".
وتحدث الإعلام الإسرائيلي عن دمار واسع في تل أبيب حيث كشفت القناة 13 عن وقوع "دمار غير مسبوق" في منطقة تل أبيب الكبرى، بفعل الصواريخ الإيرانية فيما كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن وقوع دمار كبير في تل أبيب حيث تم تدمير عشرات المباني في "رامات غان" قرب تل أبيب وتضرر مئات الشقق السكنية جراء الصواريخ الإيرانية.
واعتبر وزير الأمن الإسرائيلي أن الضربات الصاروخية الإيرانية على تل أبيب تشكل "تجاوزاً للخطوط الحمراء وستدفع ثمناً باهظاً."
وبالرغم من التكتم الإسرائيلي عن الخسائر والمناطق التي أصابتها الصورايخ الإيرانية تحدثت بعض المواقع الإخبارية الإسرائيلية عن "حدث خطير جداً" وقع في تل أبيب عقب قصف بصاروخ إيراني استهدف موقعاً إستراتيجياً يرجح أن يكون مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية بحسب شهود عيان.
وفي آخر تحديث للخسائر أعلنت "تل أبيب" عن مقتل 3 إسرائيليين، اثنان في "ريشون ليتسيون" جنوبي تل أبيب والثالث في مدينة "رمات غان" ونحو 90 مصاباً وسط دمار غير مسبوق في منطقة تل أبيب الكبرى.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن سماع دوي انفجارات عنيفة في مناطق واسعة بعضها في شمال ووسط وجنوب إسرائيل.
ردود فعل دولية متباينة
جاءت ردود الفعل الدولية متباينة وإن أجمعت على مطالبة الطرفين "بضبط النفس" حيث حمّلت الدول الغربية وعلى رأسها واشنطن ولندن وباريس، حمّلت طهران مسؤولية الوصول إلى هذه المرحلة بعدم التزامها بتعهداتها بشأن برنامجها النووي، فيما تعهدت بحماية إسرائيل من أي ضربات إيرانية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن الضربات الجوية "مقلقة" وحثّ على خفض التصعيد، ودعت كل من فرنسا والمفوضية الأوروبية الأطراف إلى التحلي بأعلى درجات ضبط النفس، فيما قالت وزارة الخارجية الأسترالية إن الضربات تُنذر "بمزيد من زعزعة استقرار منطقة مُتقلّبة أصلًا".
وحمّلت سلطنة عُمان، التي تتوسط في المحادثات النووية الأمريكية الإيرانية، إسرائيل مسؤولية "هذا التصعيد وعواقبه"، وأدانت كل من السعودية واليابان وتركيا وإندونيسيا الضربات الإسرائيلية. فيا عبرّت الصين عن "القلق البالغ بشأن العواقب الوخيمة" التي قد تُسفر عنها الضربات.
وطلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الجانبين "أقصى درجات ضبط النفس" لتجنب "الانزلاق إلى تصعيد أعمق بأي ثمن".
المحادثات النووية.. واشنطن تستثمر

سعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى استثمار صدمة الضربة الإسرائيلية ضد طهران داعياً القيادة الإيرانية إلى توقيع اتفاق نووي بسرعة "قبل فوات الأوان" محذراً من "هجمات أخرى أكثر وحشية ومخطط لها مسبقاً."
وفي تعليقه على الضربات الإسرائيلية، قال ترامب إنه منح إيران "فرصة تلو الأخرى" لإبرام اتفاق، لكنهم "لم يتمكنوا من إبرامه"، وكتب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: "يجب على إيران إبرام صفقة، قبل أن يضيع كل شيء، وإنقاذ ما كان يُعرف سابقاً بالإمبراطورية الإيرانية. لا مزيد من الموت، لا مزيد من الدمار، فقط افعلها، قبل فوات الأوان".
لكن إيران رفضت الانصياع للضربة وتداعياتها وأعلنت تعليق جولات التفاوض مع واشنطن والتي كانت مقررة ليوم الأحد ١٥ حزيران الجاري في سلطنة عُمان، وقالت الخارجية الإيرانية "لامعنى للمحادثات النووية مع الولايات المتحدة بعد الهجمات الإسرائيلية".
الصراع إلى أين؟
بالرغم من عدم القدرة على التنبؤ بمآلات الصراع الإيراني الإسرائيلي وإلى أي مدى ستطول المواجهات الصاروخية وعمليات القصف المتبادل، غير أن المؤشرات حالياً تدل على أن العملية قد تطول أسبوعاً أو أكثر بحسب المسؤولين الإيرانيين إن لم تتحرك القوى الكبرى لفرض تسوية ما على الطرفين وهو أمر مستبعد حتى الآن.
فقد أعلن الجيش الإيراني أنه يستعد لإطلاق نحو 2000 صاروخ جديد ضد "إسرائيل" في الهجمات المقبلة، وأن الصراع سيمتد في الأيام المقبلة إلى القواعد الأمريكية في المنطقة، الأمر الذي دفع وزارة الدفاع الأمريكية بحسب تسريبات عسكرية، إلى تحريك بعض المدمرات نحو الشرق الأوسط لتكون على جاهزية عالية في حال تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران.