هاشتاغ _ نور قاسم
كشف مصدر مطلع ل”هاشتاغ” عن تشكيل لجنة برئاسة وزير المالية تضم فنيين وأكاديميين تدرس إمكانية تطبيق ضريبة القيمة المضافة في العام القادم.
وأوضح المصدر أن هذه الضريبة تعتمد على مراحل عدة، مشيرا إلى ضرورة وجود نظام الفوترة لتطبيقها، باعتبارها عملية تسلسلية.
وذكر المصدر مثالاً على هذا النوع من الضرائب، قائلا: لنفترَض أنه تم استيراد برادات، فهذا بستدعي ان تسدد قيمة مضافة بنسبة معينة، إضافة إلى الرسوم الجمركية، ومن ثم عند شرائها من قِبل بائع الجملة فإن المستورِد سيضيف القيمة المضافة إلى سعر الجملة أيضاً، من ثم تاجر الجملة سيضيفها أثناء بيع البرادات لتاجر التجزئة، ومن ثم ستحمَّل جميع القيَم المضافة في النهاية إلى المستهلك لتسديدها عند شرائه للبراد.
مهمة ولكن تطبيقها بشروط ..
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، الخبير الاقتصادي الدكتور علي كنعان بيّن ل”هاشتاغ” أن ضريبة القيمة المضافة تعد من أهم الضرائب والموارد الضريبية على مستوى العالم، مشيرا إلى أن جميع الدول تطبقها.
لكن كنعان يستدرك بأنه من الصعوبة بمكان تطبيق هذه الضريبة في سوريا إلا بتوافر شروط عديدة، وأول هذه الشروط ضرورة زياده حجم الرواتب والأجور بالنسبة للدخل القومي، لتصل إلى مستوى الدول المتقدمة؛ أي ما بين 50 إلى 60%، في حين أن الرواتب والأجور حالياً تشكل 10% نسبةً إلى الدخل القومي، أما في البلدان الناميه فتصل نسبة الأجور فيها إلى 25% نسبةً الى الدخل القومي.
معنى الدخل القومي..
ويشرح كنعان معنى نسبة الأجور إلى الدخل القومي بالقول أنه عند احتساب الأجور، يجب النظر إلى الأجور والأرباح والفوائد والعمولات والإيجارات في كل سوريا، أي أن رواتب عمال القطاعين الخاص والعام في سوريا يجب أن تتضمن معرفه أرباح التجار في كل سوريا، وما هي الفوائد والعمولات لدى البنوك في البلد، ومعرفة الأسعار المعتمدة في الإيجارات لدى أصحاب العقارات والأراضي، ومجموع كل هذه العوامل مع بعضها البعض تشكل نسبة الدخل القومي لسوريا.
وأشار كنعان إلى أنه عندما يثبت أن نسبة الدخول فوق 50 بالمئة من الدخل القومي فحينها سيكون هناك ضمان لتنشيط الأرباح في البلد، في حين إذا بقيت النسبة 10 بالمئة فقط فإن هوامش الربح ستبقى مجمدة تقريباً لقلة الاستهلاك.
ناهيك عن انعدام إمكانية تحميل ضرائب إضافيةعلى هذه الأجور المتدنية.
ووفقا لكنعان فإن التاجر في طبيعته يتهرب من الضرائب، مما يؤدي لخسارات كبيرة في الخزينة العامة للدولة بسبب التهرب الضريبي.
وهذا يعني عدم قدرة الدولة على تنفيذ المشاريع بسبب عدم امتلاء الخزينة لديها. حسب كنعان.
تطبيق نظام الفوترة..
بالعودة إلى الشروط الواجب توافرها لتطبيق ضريبة القيمة المضافة يلفت الخبير الاقتصادي كنعان إلى أن الشرط الثاني لضمان نجاح التحصيل فيها هو تطبيق نظام الفوترة، أي أن كل مستورد أو تاجر جملة أو تاجر تجزئة يجب أن يكون لديه فواتير واضحة بالسعر والكمية والقيمة.
في حين أنه إلى الآن في سوريا لا يمكن الحصول على أي فاتورة من أي من هؤلاء.
بينما في أوروبا الفواتير يتم تحصيلها من الجميع وحتى من بائع السندويش ومن باعة الشارع الذين لا يتم تحصيل الضرائب منهم، ولكن فقط لضمان العملية التنظيمية الاقتصادية.
الأتمتة والتعاون ..
وأما الشرط الثالث لإمكانية تطبيق ضريبة القيمة المضافة فيبيَّن كنعان بأنه يجب وجود قاعدة نظام أتمتة متطورة لدى وزارة المالية ووزارات الدولة.
وأشار كنعان إلى أن الشرط الرابع لتطبيقها فهو التعاون بين المؤسسات الحكومية والتنسيق فيما بينها سواء مع وزارة الإدارة المحلية والصناعة والمحافظة، فجميعها يجب أن تتعاون لصالح وزارة المالية.
الفساد بسبب تدني الأجور ..
وبيّن كنعان أن المشكلة الكبرى تكمن في فساد بعض الموظفين سواء من وزارة المالية أو من المؤسسات الأُخرى الذين يعلّمون التاجر كيف يتهرب من الضرائب بإرشاده لعدم تنزيل معلومات معينة على قيوده، مشيراً إلى أن الأجر المتدني للموظفين لا يؤدي إلى الشفافية في تحصيل الضرائب، في حين أن الأجر المرتفع يحصّل الضرائب، ويرى أن الحل يكمن برفع الأجور بشكل كبير.
إضافة إلى ضرورة تمييز موظفي المالية بالحوافز لضمان اابتزامهم بالمهنية أثناء تحصيل الضرائب.
صعبة التطبيق
وبناء على كل ما ذُكر يرى الخبير الاقتصادي د.علي كنعان أنه من الصعوبة تطبيق مثل هذه الضريبة في الوضع الحالي، وفي حال تطبيقها فيجب البدء بمستويات متدنية، أي نصف بالمئة إلى 1 بالمئة فقط لا غير، وخاصةً أنها تجربة جديدة على البلد ، فبهذه الحالة يتدرب الجميع سواء التاجر أو الصناعي أو الجمارك عليها، ومن ثم يتم الانتقال تدريجياً إلى معدلات أعلى من 1 بالمئة ولكن يشترَط حينها رفع الدخول نسبة إلى الدخل القومي بشكل يتناسب مع إمكانية تحميل هذه الضريبة مع الأجر المستحق على المستهلك
آثار جانبية
وأشار كنعان إلى أن لهذه الضريبة آثار جانبية، وأبرزها تأثر المستهلك سلباً في حال كان دخله متدنياً، مما سيؤدي إلى التأثير على مستوى الإنتاج وحدوث الركود الاقتصادي، ولذلك يجب أن تكون الدخول عالية وليست متدنية كشرط أساسي.
وأما الآثار الجانبية الأُخرى فيلفت كنعان إلى أنه من المحتمل أن يستطيع بعض التجار التهرب من هذه الضريبة، بعدم تسديدها للخزينة العامة للدولة، وذلك من خلال اتباع بعض الأساليب والطرق المعينة التي تمكن التاجر من خلالها إخفاء البضائع المخزنة أو المستودعات، وربما يحصل ضريبة القيمة المضافة ولكنه لا يسددها للخزينة العامة، وتالياً يجب فرض أقسى العقوبات لمنع التجار من إخفاء البضائع أو الأرقام والفواتير لأن هذه الضريبة تعتمد على الشفافية في المقام الأول، والخوف أنه في النهاية يصبح التاجر يحصّل لنفسه فقط، على اعتبار أنه إلى الآن لا يوجد أي نوع من أنواع الشفافية.
مزايا..
وأما عن مزايا تطبيق ضريبة القيمة المضافة فيقول كنعان أنه في حال تم التصدير فتعاد حينها القيمة المضافة إلى التاجر، لأن أي بضاعه تصدر لا تفرض عليها ضريبة القيمة المضافة تشجيعاً على التصدير.