Site icon هاشتاغ

قوائم منع الاستيراد نشّطت التهريب: أضرت الاقتصاد والمستهلك السوريَين واستفاد منها لبنان

الاستيراد

قوائم منع الاستيراد نشّطت التهريب

هاشتاغ- يسرى ديب

صُنفت العديد من المواد ضمن قائمة الكماليات، ومُنعت من الاستيراد كعشرات المواد الكمالية أو الأساسية الأخرى، لتكون النتيجة انتعاش الاحتكار والتهريب لتأمين حاجة السوق من تلك المواد.

مادة الحنّة الطبيعية للشعر مثلاً لم تعد موجودة في سوريا، ومن اعتاد عليها لن يتاح له استخدامها بعد منع استيراد هذه المادة في القوائم الأخيرة من المنع، كما قالت إحدى السيدات اللواتي يبحثن عن هذه المادة من مكان بزورية إلى آخر في دمشق.

مضى على سياسة ترشيد الاستيراد 3 سنوات، حيث بدأت وزارة الاقتصاد منذ 2020 بالعمل على برنامج إحلال بدائل المستوردات، لتخفيف فاتورة الاستيراد كما تقول الوزارة، فهل حققت هذه السياسة غاياتها؟

يقول عضو غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق لهاشتاغ إنه “من حيث المبدأ لا أحد ضد قوائم منع الاستيراد، أو خفض حجم الاستيراد، لكن نحن نقول إن حاجة السوق وما تفرضه من متطلبات، وفي الوقت نفسه مدى توافر بديل محلي جيد، وبناء على قدرة ذلك المنتج على أن يكون متوافراً سواء تهريباً أو غير ذلك، نقول إن قوائم منع الاستيراد يجب أن تكون محددة”.

التهريب مستمر

وبين الحلاق أن هذا يتم عن طريق التشاركية حتماً بين أصحاب المهن والفعاليات الذين يعرفون خصوصية كل مادة.

وأشار إلى أن ما عانى منه الجميع في قوائم منع الاستيراد أن التهريب ما زال مستمراً: “طبعا الجمارك تقول إنها تكافح وتضبط وتغرم..

وهذا الكلام صحيح، لكن الخطأ أننا نصل إلى حالة غير صحية، وهي أن هناك منع استيراد، وقوائم تمنع الاستيراد لمواد هي مطلوبة في نهاية الأمر في السوق، وفي الوقت نفسه، وهذه قصة ثانية، لدينا مواد مسموح استيرادها، لكن رسومها الجمركية مرتفعة، ومشاكلها وأعباؤها مختلفة، وبالتالي نجد أنها تتوافر تهريباً لأن ذلك أفضل من توافرها استيراداً.”

حسب الوزارة

يلفت الحلاق إلى أن حجم مستوردات سوريا كان، حسب تصريح بيانات وزارة الاقتصاد، 18 مليار يورو عام 2011، وهذا الرقم تم تخفيضه إلى 6 مليارات، ثم 5 مليارات فـ 4 مليارات أعوام 2019 والعامين اللاحقين.

وفي تلك الأعوام الثلاثة، وحسب الوزارة أيضاً.

يضيف: قيمة تلك المليارات الـ 18 اليوم، تعادل أكثر من 40 ملياراً، وذلك نتيجة التضخم في أسعار المواد كلها، لذا نجد أن تلك الفاتورة التي كانت تصل إلى 18 ملياراً، قيمتها اليوم نحو 40 ملياراً.

غير منطقي

ويقول الحلاق إن قيمة آخر رقم مستوردات وصلنا إليه، وهو 4 مليارات يورو، وبالتناسب مع رقم 40 ملياراً نجد أن حجم المستوردات انخفض إلى 10%، وهذا رقم غير منطقي، إذ لا يمكن أن تكتفي سوريا بنسبة 10% فقط من احتياجاتها.

وبين أنه ما من شك أن هناك انخفاضاً في القوة الشرائية، وفي التصريف، ولا شك أن هناك انخفاضاً بالكتلة السكانية، لكن هذا لا يعني أن الـ 40 ملياراً تصبح 4 مليارات!، مشيراً إلى أن “الـ 40 ممكن تكون 15 أو 16 ملياراً، هذا رقم متوازن “.

استفاد القطر الشقيق

وقال الحلاق إنه منذ أيام أجرى دراسة، ووجدت أن مستوردات لبنان ومنذ عام 2020 وحتى عام 2023 زادت من 11 إلى 19 ملياراً وبالتالي لديهم 8 مليارات زيادة في المستوردات، فأين ذهبت تلك الزيادة؟ يوضح أن التعداد السكاني ينقض والهجرة تزيد والضائقة المادية زادت جدا ولم تعد لديهم قوة شرائية، ويستنتج “حتى نكون موضوعيين نقول إن تلك الـ 8 مليارات انعكست في السوق السورية، وجاءت تهريباً، وبيانات الجمارك تقول إن هناك مضبوطات بالمليارات، من المهربات، ونحن لدينا فعلاً مضبوطات وغرامات بالمليارات.”

إعادة الدراسة

“هذا الشيء يدعونا إلى إعادة دراسة تلك القوائم، ودراسة كيفية الاستيراد وآلياته، وكيف يمكن تسهيل تلك العملية، لأننا عندما نتحدث عن الاستيراد فنحن لا نعني فقط المواد المعدة للبيع بشكل مباشر، وإنما هناك مواد أولية، ومواد متممة، ولدينا أيضا مواد مساعدة في عملية الإنتاج” حسبما يقترح الحلاق.

ويوضح: بالتالي نحن نريد أن نساعد في عملية توافر المواد، والمطلوب إعادة دراسة لمقارنة المواد المهربة وفق وثائق الجمارك، مع قوائم منع الاستيراد، وفي الوقت نفسه ليست الحكومة فقط من يدرسها، لأن هناك تفاصيل لا يستطيع أن يحللها إلا كل قطاع، كقطاع المنظفات أو قطاع المواد الغذائية، لكل قطاع أهل اختصاص من القادرين على تحليل تلك المعطيات لأن لكل منتج خصوصيته.

وطالب الحلاق بإعادة دراسة تلك البيانات ومقارنتها بقوائم منع الاستيراد لنعرف أين توجد المشكلة.

أدرى بشعابها

يعتبر عضو غرفة تجارة دمشق أنه من الخطأ الإصرار على منع الاستيراد مع وجود البيانات لدى الجمارك للمواد المضبوطة كمهربات، وأنه يجب أن تدرس تلك المعطيات وتدرس المواد الممنوعة من الاستيراد وتتم المقارنة بينها لكن من قبل قطاع الأعمال المعني، لأن كل قطاع أدرى به، وكما يقولون أهل مكة أدرى بشعابها.

إغلاق وتصفية

في السياق ذاته، يجيب الخبير الاقتصادي جورج خزام عن السؤال: ما الذي حققته قوائم منع الاستيراد من المصرف المركزي؟

يجيب بالتأكيد أنها كانت السبب بتراجع الإنتاج للكثير من الصناعات التي تحتاج لتلك البضائع الممنوع استيرادها وإغلاق و تصفية الكثير من الفعاليات الاقتصادية، وكذلك تراجع الدخل والاستهلاك و الإنفاق و معه تراجع الطلب و الإنتاج و زيادة البطالة والكساد.

هربت للخارج

يقول خزام لهاشتاغ إن إحدى مشاكل قوائم منع الاستيراد، تصفية و هروب رؤوس الأموال التي كانت تعمل ببيع و شراء تلك البضائع للخارج بعد منع استيرادها، حيث لا يوجد من يلحق الأضرار الجسيمة بتجارتهم حسب رأيه.

كما أنها تسببت بغياب المنافسة في بعض الأصناف بين المنتج الوطني و المستورد من حيث الجودة و السعر، بسبب فقدان البديل المستورد، والقبول بأي جودة وسعر للمنتج الوطني.

سوق سوداء

ولفت خزام إلى ظهور سوق سوداء لتلك البضائع الممنوع استيرادها، فخسرت الخزينة العامة مليارات الليرات من الرسوم الجمركية لتلك البضائع الممنوعة من الاستيراد.

وقال إنه كان من الممكن أن يتم منع استيراد البضائع الكمالية البحتة فقط التي لا تؤدي لخلق دخل لسلسلة طويلة من الحلقات الوسيطة مثل العطورات والأحذية و الألبسة و الكماليات عديمة الإنتاجية.

أو زيادة الضرائب بشكل كبير على السلع التي لها بديل منتج وطني، وتوزيع تلك الزيادة بالضرائب على المصانع الوطنية على شكل إعانات و تخفيضات ضريبية و التي تتضرر من المنافسة مع البضائع المستوردة.

بقصد الادخار

يؤكد خزام أن استيراد أي بضاعة تؤدي لخلق سلسلة من الدخل للعديد من الحلقات الوسيطة في السوق، ولا تسبب تراجعاً في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار طالما أنها تؤدي لتحريك العجلة الاقتصادية، وأن شراء الدولار بقصد الادخار هو فقط من يؤدي لتراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، بسبب خروج الدولار الذي هو القوة المحركة لهذه العجلة الاقتصادية.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version