Site icon هاشتاغ

لا دعم ولا هم يحزنون.. خبراء يشككون بنوايا الحكومة: كل ما تفعله يمهًد لإلغاء الدعم

خبراء يشككون بنوايا الحكومة: كل ما تفعله يمهًد لإلغاء الدعم

خبراء يشككون بنوايا الحكومة: كل ما تفعله يمهًد لإلغاء الدعم

هاشتاغ_ إيفين دوبا

مرة جديدة، يتم الحديث عن قرار الحكومة المؤجل برفع الدعم الحالي واستبداله ببدل نقدي، وذلك بعد تصريح معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك سامر السوسي، قال فيه إنّ “موضوع تحسين الدخل المعيشي وواقع الناس هو من هموم الدولة، إلى جانب أنّ الدارسات مستمرة حول استبدال الدعم بالبدل النقدي”.

القرار القديم المتجدد أثار حالة من التخبّط في الشارع السوري، خاصةً وأنّ المدعومين “محسودون” على الدعم الذين لا يحصلون منه إلا على ارتفاعات متلاحقة من الأسعار لمختلف المواد، فيما يرى خبراء ان الحكومة غير جادة في مسعاها توزيع الدعم على محتاجيه الحقيقيين.

وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك السابق عمرو سالم، قال إنّ موضوع تحويل الدعم إلى نقدي مُنجز بالكامل، ولكن على ما يبدو لا رغبة بتنفيذه.

وأوضح “سالم” أنّ الدراسة تمّ إعدادها منذ نهاية 2021 لكنها لم تحصل على الجدية المطلوبة من الحكومة للاهتمام بها وتنفيذها، بل على العكس حاول “الفاسدون” عدم تطبيقها بسبب استفادتهم من الهدر الحاصل جراء الدعم المزعوم.

ومؤخراً، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سعر مبيع ربطة الخبز زنة 1100 غرام للمواطن من 200 إلى 400 ليرة سورية في الأفران العامة والخاصة.

ومع ذلك يقول “سالم” لا تتوقف السرقات في كل مراحل إنتاج الخبز، وتزداد خسارات الدولة التي تبيع الطن الواحد للأفران بمبلغ 70 ألف ليرة. بينما يباع في السوق  بعشرة ملايين؛ لذا تعمل الأفران على تعويض الخسارة عبر إنتاج وزن قليل للربطة أو خلط العجنة بنخالة إضافية وأكثر من أمر آخر، وبالتالي “لا يعوضون الخسارة فقط وإنما يربحون أموالاً كبيرة”.

وأكد “سالم” أنّ الدولة تخسر تريليونات الليرات من الدعم الذي لا يصل لمن يستحقونه.

وأورد مثالاً عن الدعم الحكومي للخبز الذي لا يخفى على أحد أن الحكومة تخسر جراء دعمه بعد حساب الفارق بين الكلفة وسعر المبيع حتى بعد الارتفاعات المتتالية لسعر الربطة والتبريرات التي لا تنتهي من الحكومة حول نقص المساحات المزروعة بالقمح وصعوبة الاستيراد.

معايير “مضحكة”

بات واضحاً عجز الحكومة ومسؤوليتها عن تقديم مبررات علمية مقنعة لما اعتمدته من قرارات، حسب قول الخبير الدكتور أمجد بدران.

وفي حديث لـ”هاشتاغ” أكّد بدران أنّه مع رفع الدعم الذي سيحل عاجلاً أم آجلاً على كل المواطنين، ولكن مع إعطاء بدل مالي متغير حصراً،”بشرط إعادة تعريف الحد الأدنى للأجور الذي تهرب كل الحكومة وكل المشرعين من تعريفه”.

وحسب قول “بدران” فإنّ رفع الدعم يحدد على أساس المقارنة برقم الدخل المالي للمواطن، وليس وفق معايير بعضها مضحك ولا يناسب شعب في حالة حرب لم تنته بعد، ومهجر في أرضه!.

وعن هذه النقطة قال “سالم” إنه حسب الدراسة التي تم وضعها في نهاية 2021 فقد تم تقسيم عملية تحويل الدعم إلى مراحل؛ الأولى عبر إيداع مبلغ نقدي لكل من يحمل البطاقة “الذكية” للمواد المدعومة سابقاً.

ويمكن لحامل البطاقة شراء ما يحتاجه عبر المبلغ الموجود بالبطاقة.

أما المرحلة الثانية حسب قول الوزير السابق تتعلق بإصدار بطاقات جديدة للمستحقين الجدد يتم اختيارهم عبر آليات جديدة تختلف عن الآليات المستخدمة سابقاً.

وطرح “سالم” مثالاً، كأن يقوم المستحق الجديد للبدل النقدي بإعطاء معلوماته للجهة الطالبة وتحديثها بشكل دوري.

والنقطة الأهم حسب قوله، هو الإعلان الحكومي عن الوفر الذي سيتم تحقيقه من خلال رفع الدعم، والاتجاه الذي ستصرف فيه تلك الأموال.

وبالتالي، يقول “بدران” يجب إبلاغ المواطنين اليوم قبل الغد أين ستذهب هذه المليارات وبالتفصيل المملّ!.

“لا دعم ولاهم يحزنون”

الخبير الاقتصادي، الدكتور عمار يوسف، له وجهة نظر مختلفة؛ إذ يرى أن الخطوات الحالية ومايتم الحديث عنه من دراسات وقرارات لإلغاء الدعم تعني إلغاء الدعم بشكل كامل، أي “لا دعم نقدي ولا هم يحزنون”.

وأوضح “يوسف” لهاشتاغ أنه من المعيب أن تعتبر الحكومة نفسها أنها تدعم المواطنين، ومن المعيب أكثر الضحك عليهم عبر إيهامهم بوجود بدل نقدي.

ويقول “يوسف”: “عن أي دعم يتحدثون والحد الأعلى للأجور لا يتجاوز ال600 الف ليرة فيما تحتاج الأسرة وسطياً مايقارب عشر ملايين ليرة شهرياً”.

ويعتقد الخبير الاقتصادي بناء على القرارات السابقة للحكومة أن تقوم بإعطاء بدل نقدي لما تسميهم شريحة “المدعومين” مدة شهرين أو ثلاثة لا أكثر ومن ثم توقف العملية بعد ثبات عدم نجاحها كما حصل في المرات السابقة لقرارات أخرى.

يتابع “يوسف” أثبتت الحكومة عبر ما تقوم به من رفع لأسعار المحروقات أنها تسحب الدعم تدريجياً عبر التسلسل الزمني لما يحصل؛ إذ لا يكاد يمر أسبوع دون زيادة على أسعار البنزين ليتضاعف سعر المادة خلال عام.

ومؤخراً، ارتفع سعر بنزين “أوكتان 90” من 10500 ليرة سورية إلى 11 ألف ليرة.

وارتفع سعر بنزين “أوكتان 95” من 13825 إلى 14110 ليرات سورية.

وكذلك رفعت الوزارة سعر مبيع ليتر المازوت للأفران العامة والخاصة من 700 إلى 2000 ليرة سورية.

وارتفع رفع سعر  أسطوانة الغاز المستبعدة من الدعم إلى ٧٥ ألف ل.س من داخل البطاقة و خارجها، وسعر أسطوانة الغاز الصناعي للمنشأت الاقتصادية كافة إلى ١٥٠ ألف ل.س، أما سعر أسطوانة الغاز المدعوم للمواطن فهو 20 ألف ليرة ولا تعديل عليه .

المشكلة في الأجور؟!

لا يتوقف الحديث عن قرار رفع الدعم و”الفجائية” التي حصلت حين تطبيقه عند حدود المستحقين من عدمهم، بل تعداه إلى وجود مشكلة جوهرية تتعلق بمسألة الأجور وهي “لب المشكلة” فلو أنّ الحكومات المتعاقبة لم ترفع أسعار السلع والخدمات المنتجة في القطاعين العام والخاص لما برزت أي هوة بين الأجور والأسعار، لكن ماحدث حسب قول الخبراء، أن الحكومات كانت ترفع الأسعار حسب سعر الصرف الذي تحدده في موازناتها العامة.

الخبير الاقتصادي جورج خزام، قال لهاشتاغ، إن الطريقة المثالية لتوزيع الدعم تكون عبر رفع الدعم عن المحروقات و بيعها بالسعر العالمي بالارتفاع و الانخفاض، وتوزيع الدعم المالي على شكل كميات مجانية على البطاقة الذكية، أي بدلاً من بيع 50 ربطة خبز شهرياً على العائلة بسعر مدعوم يمكن تسليم تلك العائلة 10 ربطات خبز مجاناً من أفران الدولة لتقوم العائلة بشراء باقي احتياحاتها من الخبز بالسعر الحر غير المدعوم للطحين و المازوت للأفران، بحيث يكون وسطي تكلفة ربطة الخبز للعائلة مساوي للتكلفة الحالية و ذلك بدراسة حسابية بسيطة.

وهنا يتم التخلص من حلقات الفساد بتوزيع الطحين والمازوت.

والطريقة نفسها حسب قول الخبير الاقتصادي يمكن تنفيذها على السكر والرز والزيت وغيره.

بداية النهاية!

في النهاية، يبدو أنّ ما يحصل هو هروب الحكومة من أولوية معالجة وضبط الفساد والهدر الكبيرين في مؤسسات الدعم وطوابيرها، إلى الحل الأسهل المتمثل في تقليص عدد المستفيدين من الدعم، وتالياً فالحكومة ترحّل المشاكل الجوهرية إلى الأمام على حساب المواطنين ومعيشتهم، وما حصل ما هو إلا بداية طريق “رفع الدعم” نهائياً عن المواطنين جميعاً.

Exit mobile version