السبت, يوليو 27, 2024
HashtagSyria
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةثقافة وفنأصل صحن "الفتوش".. قصة حرب سورية قديمة حديثة

أصل صحن “الفتوش”.. قصة حرب سورية قديمة حديثة

هاشتاغ – ناديا سوقية

يعد الفتوش سلطة برتبة متفوقة تسمح له أن يتربع على مائدة الإفطار بموازة شيخ المحشي، فلا يقل شأنه عن الكبب ولا عن أي أكلة تحتاج لجهد في صناعتها وذات صيت بالمطبخ السوري، فيجلس بكل ما أوتي من خضار وما زين من فتات الخبز المحمص ودبس الرمان ورشة السماق كجزء أساسي من أي وليمة رمضانية .

اكتسب الفتوش هوية سورية نسبة إلى بلاد الشام فهذا الطبق تاريخيا يرتبط بالحروب، وكجزء من صراع البقاء يمكن أن يحسب الفتوش من منقذي الشعوب، فيعود أصله إلى عام 1862 م عندما هرب أواخر آذار عدد من المسيحيين من المذابح التي كانت تستهدف الطائفة في جبل لبنان، باتجاه مدينة زحلة عند دارة “آل السكاف” و”آل فتوش” وقد كانوا من الإقطاعيين ويملكون المزارع هناك، بحسب الروايات الشعبية وما نشره موقع “lbc”الإلكتروني .
أصل التسمية
واستقبل آل فتوش العائلات بمائدة عامرة بأنواع الأطعمة من لحوم وطيور، وغيرها ولكن تزامن نزوح أهل الجبل بشهر الصوم الكبير الذي يسبق عيد الفصح فامتنعوا عن أكل اللحوم واكتفوا بما وجدوا من خضار وأكلات نباتية .
فأخذ بعض المدعوين يأكل من أطباق السلطات مغمسا بالخبز.. ما أثار دهشة أحد الحاضرين من آل سكاف الذي توجه الى صاحب الدار ضاحكا: “فتوش، شوف ضيوفك عم ياكلو السلطة بالخبز. هيدي أكلة جديدة”.
حينئذٍ، قال البطريرك غريغوريوس يوسف (رئيس بطريركية أنطاكية والإسكندرية واورشليم وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك): “خلص منسميها فتوش، ومناكلها بأيام الصوم الكبير”..
وقد صادف ذلك التاريخ أواخر شهر رمضان من العام 1278 هجرية .. فأخذ جيران زحلة في القرى الإسلامية فكرة طبق الفتوش وجعلوه مرتبطاً بصومهم في شهر رمضان المبارك.
اما اسم عائلة فتوش فمشتق من اللغة التركية وهو اسم الدلع لاسم فاطمة (Fatma : Fatuş) لأن آل فتوش هم في الأصل من العائلات التي استوطنت سهل البقاع ابان الحكم الفاطمي .. وهم من عرب الجزيرة .. وقد اعتنقوا المسيحية مطلع القرن الثامن عشر مع وصول البعثات التبشيرية الكاثوليكية.
و تقول رواية أخرى أنه عند قدوم أهالي الجبل إلى زحلة هرعوا أهالي زحلة لجمع الخضار لتفاجأهم بضيوفهم وكان” فت الخبز” عادة لبلاد الشام لتشبع الأطفال فوضعت في قدر كبير في دار “الفتوش” وأشبعت الضيوف وانتقلت الأكلة بسبب القرابة والزيجات بين أهالي دمشق وزحلة.
“فتش قلبنا من الفتوش يامو”
دراميا ارتبط اسم الفتوش بمشهد “زهرية بنت أبو هاشم” الصغيرة بمسلسل “الخوالي” عام 2000 والتي أدته يمنى الحلبي، تجسيدا لمعاناة أهل دمشق في ظل حصار السلطة العثمانية مما دفع الأهالي لاعتماد الفتوش أكلة يومية كون المطبخ الدمشقي لا يهدر طعاما فيحتفظ ببواقي الخبز “المفتت”كمؤن يعاد استخدامها.
الفتوش اليوم
بعد 10 سنوات من الحرب وفي ظل تفاوت بسعر الصرف
يكلف صحن الفتوش الممثل بالمكونات التالية: بندورتين حبة وسط وضمة بقدونس وضمة نعنع وضمة بقلة وحبتين وسط خيار وملعقة كبيرة زيت وملعقة صغيرة ملح وملعقة دبس رمان وعصر حبة ليمون مع سنين ثوم ما يقارب 1500 ليرة مما يدفع بمواطن ذو دخل محدود لدفع حوالي 30ألف ليرة خلال شهر رمضان فقط على هذا الطبق، إذا كان يحافظ على الفتوش كجزء من هوية السفرة الرمضانية.
تقول هدى أم لطفلين وموظفة في مؤسسة حكومية أنها تجد الفتوش أكلة اقتصادية ومشبعة ويمكن الاستغناء عن أطباق إضافية في السفرة بحال وجوده.
وتوافق سمر ربة منزل وأم ل4 أولاد هدى بإمكانية وجود طبق الفتوش لكنها تفضل أن تستعين به لإكمال الطبخة السابقة مشيرة إلى أن وجود الفتوش اليومي ممكن يأخذ نصف راتب زوجها المتقاعد السفرة التي تخلو منه لابد أن تحوي طبق سلطة أخر وبنفس التكاليف لكن عدم وجود الخبز لا يعطي الصائم شعور الشبع ” .
وبالاطلاع على أسعار السوق ومقارنة مع دخل المواطن يدفع المواطنين اليوم ضريبة تنوع مأكولاتهم وغنى موائدهم الماضية حيث صار من الممكن التغاضي عن الأطباق المتعارف عليها أنها أساسية و حتى إقامة الولائم الرمضانية أصبحت قصة مثيرة للخجل بين بيت وآخر.
وفي ذات السياق فرض القانون الجديد رقم (8) لعام 2021 الهادف إلى حماية حقوق المستهلك وضمان سلامة الغذاء عقوبات رادعة لمنع الاحتكار، ووضع ضوابط لممارسة التجارة والتسعير وفرض الرقابة على جودة المواد والمنتجات.
وعاقب القانون الجديد الصادر قبل يوم الاثنين 13 نيسان/ أبريل الجاري بغرامات مالية تصل لحد 400 ألف ليرة على كل من يتلاعب بالتعرفة ولا يضع سعرها الصحيح.
وشدد كذلك القانون الذي خرج قبل يوم واحد من شهر رمضان بالسجن للأشخاص الذين يثبت احتكارهم للمواد، أو من أعلن عن زيادة الأسعار عما حددته الوزارة المختصة، والسجن وغرامة لكل من يتاجر بمواد المساعدات الإغاثية والإنسانية.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، أصدر بيانات مثيرة للقلق حيال سورية في شباط/ فبراير الماضي، أفادت عن وجود 12.4 مليون سوري أي ما يقرب من 60 في المئة من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
فهل ستترك الأزمة السورية الحالية للأجيال الجديدة طبقا يرمز لمعاناة المرحلة ويحكي قصتها مثل الفتوش ؟.
ليصلكم كل جديد انضموا إلى قناتنا على التلغرام   https://t.me/hashtagsy
مقالات ذات صلة