السبت, يوليو 27, 2024
HashtagSyria
- إعلان -spot_img

الأكثر قراءة

الرئيسيةأخبارالغناء بالعربية الفصحى

الغناء بالعربية الفصحى

التقيت بأحد ملحنينا المحليين، في مقهى، متعارف عليه بأنه مقهى النعسانين، ودار بيننا حوار وعتاب، ثم سؤال وجواب، في محاولة مني لمعرفة سر تدني الأغنية المحلية، ومكمن التدهور في ثروتنا الفنية… ونظراً لطبيعة هذه الزاوية، وهي تكتفي بالوزن من دون القافية، ارتأيت إيراد موجز لكلامه، بعد حذف تحيته وسلامه… قال: ولدت موسيقياً بالفطرة.. وتعلمت ضرب الإيقاع والفن، من ضربات مدقة الكُبّة  في الجرن.. وتدرجت في التلحين، مستمداً الوحي من سوق النحّاسين… وألّفت أول ما ألّفت، طقطوطة عن فضل الجزر على اللفت.. وأتبعتها بسوناتا: تقبريني يا ست… وأنا في عملي لا أحتاج إلى نوطة، لأن النوطة تشبه الملوخية المخروطة… محسوبك يأخذ الكلام الشاعري، ويقرؤه بشكل دائري.. حتى وإن كنت واقفاً بالصف للحصول على وثيقة براءة من اللهف!..

أما العلم الموسيقي، فهو لا يقف في طريقي.. وأنا أعتبر التوزيع ضرباً من ضروب التلميع.. والأفضل للمستمعين الأفاضل، ألا يتعودوا على هكذا فواصل، وإلا لن يعجبهم ما نقدمه من مهازل.. ناهيك عن أن ذوقهم في هذه الأمور، أفسدته ضجة السيارات والزمامير..

أما تعاملي مع المطربين، فهو شبيه بدلق العسل فوق العجين.. وأما تعاملي مع المطربات، فأنا لا أعطي ألحاني إلا للمجتهدات اللواتي يحملن شهادة بكالوريوس في الآهات، مع شهادة ماجستير من إحدى الكابريهات..

وسؤالك: لماذا لا تحرك الروحَ مثل هذه الألحان، ولا تعلق في السمع والأذهان؟.. وجوابي يا سيدي أني حين دعيت للغناء، ذات يوم، في حضرة رئيس وزراء موزامبيق، غنيت له باللغة الموزابيقية.. فقال لي: لماذا لم تغنّ لي بالعربية؟.. وأجبته: يا سيدي لقد غنيت ذات يوم بالعربية أمام رئيس وزراء عربي.. وشكوت وبكيت عن سوء دخلي، مع لهيب أسعار الضروريات لي ولأهلي.. وعن تعبي في المواصلات، وركضي خلف الميكرويات.. وضمنت أغنيتي موّالاً عن شتائي البارد بلا مازوت.. ثم سحبة: يا ميجنا، ويا ميجنا.. ضوّي علينا، ولا تعتّم بيتنا.. وِنْ قننتْ.. قنن حتى تنطفي عيوننا…

وحين انتهيت من وصلة الغناء، استيقظ المضيف من غفوة ألمّت به، وسألني: لماذا كنت تفسد علي غفوتي بغنائك الموزامبيقي؟… مع أني، والله، والله، بكسر الهاء مرتين، كنت أغني بالعربية الفصحى!…

مقالات ذات صلة