Site icon هاشتاغ

الأزمة السورية.. عن ماذا نبحث؟

الأزمة السورية

الأزمة السورية.. عن ماذا نبحث؟

هاشتاغ-مازن بلال

ثلاثة مؤتمرات خلال شهر حزيران ستعقد في أوروبا بشأن الأزمة السورية، ويعمل هذا التحرك على إنعاش آلية قديمة سواء عبر اجتماعات “هيئة التفاوض” في جنيف، أو في إدخال المجتمع المدني بفاعلية على خط الأزمة، وأخيرا في خلق أدوار عبر “دعم” الشعب السوري من خلال أدوار الاتحاد الأوروبي، وتأتي هذه المؤتمرات وسط خطوط مختلفة لرسم “أمن إقليمي” على خلفية الاضطرابات التي سادت المنطقة منذ عام 2011.

المفارقة في هذه المؤتمرات تبدأ استناداً على القوى في التأثير العميق في الأزمة، فالسوية الدبلوماسية الحالية موجودة ضمن استراتيجيات دول المنطقة، سواء على مسار التركي الذي يريد بناء علاقة مع دمشق على خلفية سنوات الأزمة، أو على الصعيد العربي المتجه لصياغة أشكال من القوى التنموية التي يتم اختبارها اليوم، فهناك بحث أساسي داخل دول المنطقة لتوازن خاص ضمن “قوة الدولة” على امتداد المنطقة.

في مقابل ذلك، فإن التحرك الذي يجري في أوروبا متباين وفي ثلاث أمور أساسية:
الأمر الأول أن الأزمة انتقلت خلال الأشهر الستة الماضية من مساحة اختبار الأدوار الإقليمية، إلى رسم توازن لهذه الأدوار مما أبعد المؤثرات المرتبطة بـ”المعارضة السياسية” التي بدت عنصر تشويش خلال كافة مراحل التفاوض، مما أنهى عمليا مسار التوافق عبر المنصات التي ظهرت وتلاشى تأثيرها منذ البدء بمسار أستانه. ومسألة “التلاشي” لم تكن شأنا اعتباطيا، إنما ظهرت على قاعدة عدم الوضوح في الصراع الذي بدأ عام 2011، فالاضطراب انطلق عبر التداعيات الإقليمية وليس عبر الكتل السياسية الداخلية وقدرتها على تجميع قوي المجتمع.

الثاني يرتبط بمسألة توظيف المجتمع المدني، وفي الحالة التي تجري اليوم هي إيجاد كتلة مدنية تملأ الفراغ الذي نجم عن تلاشي الفعل السياسي لـ”المعارضة”، ومع أهمية المجتمع المدني فإنه ضمن أحد جوانيه محفز وليس بديلا سياسيا، ومن جانب آخر فالقوى المدنية تنجم عن آليات مجتمعية داخلية، وليس عن تجميع وجوه اجتماعية من كافة أصقاع العالم.

يبقى الأمر الأخير مرتبط بالدور الأوروبي الذي ستمثله اجتماعات بروكسل منتصف الشهر الحالي، ويمكن أن يأخذ منحى مؤثر في حال استطاعت الدول العربية المشاركة فيه من ضمه إلى المسار العام الذي بدأ بعد مشاركة دمشق بالقمة العربية، ورغم الطابع المرتبط بـ”القوى المجتمعية” لهذا المؤتمر، لكن محوره سيصبح أكثر التصاقا بالأزمات الإنسانية طالما أن دول الجوار السوري ستشارك به.

السؤال الذي يطرح نفسه هو عن نوعية البحث داخل الأزمة، والذي يمكن لهذا المؤتمرات التعامل معه، فإذا كانت دول الإقليم وعلى المستوى الرسمي باتت تنظر إلى الأزمة من زاوية المخاطر الإقليمية، فإن الجهات الثلاث التي ستجتمع في ثلاث عواصم أوروبية تحتاج إلى مسألة واقعية يمكنها الاستناد إليها، وبغض النظر عن قدرتها على التأثير في الوضع القائم اليوم فإن انتقالها من حالة “المطالب المطلقة” إلى البرامج المتوافقة إقليميا مسألة أساسية، فالمؤتمرات لم تعد أكثر من حراك لتسجيل حضور داخل “أزمة” لم تعد تحتمل المزيد من الأوهام.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version