Site icon هاشتاغ

الأزمة السورية.. مفارقة “الشرعية”

الأزمة السورية.. مفارقة "الشرعية"

الأزمة السورية.. مفارقة "الشرعية"

هاشتاغ-مازن بلال

اقترن الاضطراب في سوريا مع محاولات لتغييب “شرعية الدولة” في أي تحرك عربي أو دولي، وكانت أزمة بعثة المراقبين العرب برئاسة الفريق مصطفى الدابي مرتبطة بكسر هذه الشرعية، وذلك بغض النظر عن نتائج المراقبة والتقرير الذي تم رفعه للجامعة العربية، فالأحداث التي سبقت الأزمة السورية في مصر وتونس وليبيا واليمن لم تناقش من هذه الزاوية، ومع تفاوت نوعية العنف في كل دولة إلا أن التعامل مع مسألة “الشرعية” كان اختراقا حقيقيا ضمن النظام العربي خلال الحدث السوري.

عمليا، فإن المسار السياسي لحل الأزمة السورية الذي انطلق في جنيف بدأ دون حضور “الدولة السورية”، واستمر عبر جولات عديدة من منطق أن هناك أطرافا في الصراع وكرس شكلا بعيدا عن مبدأ السيادة، وظهرت معركة “الشرعية” عبر ما يمكن تسميته بـ”حرب السفارات” حيث اختفت البعثات الدبلوماسية من سوريا، لكن المفارقة أن المؤسسات الدولية الأساسية مثل الأمم المتحدة لم تكن قادرة على اعتماد أي شكل جديد للتمثيل السوري، وكان من المستحيل أن تقوم بسابقة عبر كسر مسألة “التمثيل الرسمي” لأنه عصب النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية.

حمل مسار الأزمة السورية تناقضات واضحة في معالجة الحدث السوري نتيجة المعركة ضد “الشرعية”، وهذه المسألة فتحها النظام العربي عبر تعليق عضوية سوريا واستمرت حتى القمة الأخيرة، وما حدث هو وضع “الأزمة” وكافة تداعيتها على مسار “شرعية الدولة”، في وقت استمرت فيه معركة العديد من الدول الأوروبية إضافة للولايات المتحدة لوضعها ضمن الدول الفاشلة، فالقمة حملت معها مسألتين أساسيتين:

الأولى صياغة مسار الأزمة عبر مسؤولية الدولة، وهذا الأمر لا يعني إلغاء القرارات أو الاجراءات التي تمت خلال السنوات الماضية إنما تحديد جهة التفاوض الأساسية باعتبارها الهيئة الشرعية التي تمثل السيادة الوطنية.

تفسر صياغة مسار الأزمة الكثير من التفاصيل التي ظهرت بعيدا عن “الشعارات” التي سادت قبل عشر سنوات، فهناك تحديات إقليمية تتصدرها مسألة اللاجئين لا يمكن حلها إلا بالعودة للدولة السورية، باعتبار اللاجئين مواطنين سوريين أولا وأخيرا، بينما كانت المعالجات السابقة تعتمدهم كأداة سياسية وأحيانا عناصر لدعم الفصائل المسلحة، وبالتأكيد هناك مسائل مختلفة ترتبط بهذا الموضوع لا يمكن حلها دون الاعتماد على شرعية الدولة.

المسألة الثانية بالتفاهمات السياسية التي تسهل التعامل مع القرارات الدولية، فمن العبث البحث عن حل سياسي خارج موضوع السيادة كما حصل سابقا، فمعظم جولات جنيف كانت تحدث على أيقاع الصراع مع الدولة.

تظهر المعارضة السياسية اليوم في موقعها الحقيقي وليس كبديل عن “الدولة” سواء عبر “حكومات” أو “إدارات ذاتية” مختلفة كانت وظيفتها الرئيسية “قوننة” التواجد المسلح سواء في إدلب أو حتى في مناطق الجزيرة السورية، فالعمل السياسي يبدأ في المنافسة عبر “البرامج” وليس في خلق حالة توازي “شرعية الدولة”، فمقاربة عودة سوريا للعمل مع “النظام العربي” هي من هذه الزواية فقط، فالأزمة هي سوريّة على المستويين السياسي والاقتصادي، والتواجد العربي اليوم هو للتعامل مع تداعيات طالت بعض الدول العربية وليس لخلق حل سياسي أو اقتصادي.

مسؤولية السوريين اليوم هي بناء بيئة تساعدهم على تجاوز المرحلة الصعبة من الحرب، ودون أوهام عربية أو دولية هناك معركة “إنتاج” على المستويين السياسي والاقتصادي، وتبقى القرارات الدولية جزءا من هذه المعركة التي يجب أن تبقى سوريّة وعدم تركها لتقلبات المناخين الإقليمي والدولي.

لتصلك أحدث الأخبار يمكنك متابعة قناتنا على التلغرام
Exit mobile version