يستورد لبنان ما يصل إلى 80% من احتياجاته الغذائية ويعتمد بشكل خاص على القمح اللين المستورد لصنع الخبز، تم تخزين حوالي 15000 طن من القمح في الصوامع المدمرة والتي تشكل 85% من احتياطي الحبوب، مما سيجعل من الصعب الآن استيراد المواد الغذائية والمساعدات الأخرى.
هاشتاغ سوريا- خاص
دمّر الانفجار الهائل الذي هزّ العاصمة اللبنانية معظم الميناء وأرسل موجة صدمة أضرت بالمباني في جميع أنحاء المدينة، وبعيداً عن الخسائر في الأرواح التي وصلت إلى 137 وعدد الجرحى الذي تجاوز 5000، توجد مخاوف متزايدة بشأن تأثير الكارثة على الأمن الغذائي.
يستورد لبنان ما يصل إلى 80% من احتياجاته الغذائية ويعتمد بشكل خاص على القمح اللين المستورد لصنع الخبز، تم تخزين حوالي 15000 طن من القمح في الصوامع المدمرة والتي تشكل 85% من احتياطي الحبوب، مما سيجعل من الصعب الآن استيراد المواد الغذائية والمساعدات الأخرى.
وقال وزير الاقتصاد والتجارة اللبناني يوم الثلاثاء “حتى القمح الذي نجا من الانفجار أصبح غير صالح للأكل بسبب الانفجار”.
الأمن الغذائي قبل الانفجار
وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي فإن 49% من اللبنانيين يشعرون بالقلق بشأن الحصول على الغذاء، هذا هو الحال قبل الانفجار، وقد سجل برنامج الأغذية العالمي في لبنان خلال الفترة بين تشرين الأول 2019 ونيسان 2020 زيادة بنسبة 56 بالمائة في أسعار المواد الغذائية.
ووفقاً لتقييم هشاشة أوضاع اللاجئين السوريين الذي أجري في 2019، فإن 63% من السوريين يعانون بشدة أو بدرجة متوسطة من انعدام الأمن الغذائي بزيادة تبلغ 57% عن عام 2018.
وذكرت منظمة إنقاذ الطفولة الأسبوع الماضي أن ما يقرب من مليون شخص في منطقة بيروت الكبرى لا يملكون المال لشراء الضروريات، بما في ذلك الطعام الكافي، وأن نصف مليون طفل يعانون من الجوع حيث يفقد عدد متزايد من العائلات اللبنانية دخلها وتغرق في براثن الفقر بسبب الصدمة الاقتصادية الناجمة عن إغلاق الفيروس التاجي.
وقال جاد صقر، القائم بأعمال المدير القطري لمنظمة إنقاذ الطفولة في لبنان: “سنبدأ في رؤية الأطفال يموتون من الجوع قبل نهاية العام”.
يمر لبنان بأزمة اقتصادية فاقمها الوباء، وقد أدى الوضع الاقتصادي غير المستقر، وإجراءات الإغلاق العام بسبب جائحة كورونا، وعدم الاستقرار السياسي في خسائر فادحة للأسر المحتاجة ودفعت باللبنانيين وأسر اللاجئين إلى المزيد من الفقر، مما جعل الآلاف من اللبنانيين يعيشون بدون دخل ثابت؛ ومنذ أيلول 2019 ارتفعت أسعار المواد الأساسية مثل الغذاء والمأوى بنسبة 169%، بينما ارتفعت البطالة إلى 45 في المائة.
وأظهر مسح أجراه برنامج الغذاء العالمي مؤخراً أن واحدة من كل خمس عائلات لبنانية قلّصت من وجبات الطعام أو بقيت بدون طعام ليوم كامل. وأن واحد من كل ثلاثة لبنانين عاطلين عن العمل بسبب الأزمة الاقتصادية وتدابير احتواء COVID-19.
الانفجار يسبب مزيد من البؤس الاقتصادي
قبل الانفجار كان الاقتصاد اللبناني في حالة تراجع، حيث انخفضت تصاريح البناء بنسبة 60%، وانخفضت مبيعات السيارات بنسبة 70%، وانخفضت السياحة بمقدار 50% مقارنة بالعام 2019 و50٪ من اللبنانيين تحت خط الفقر؛ إن الكارثة سيكون لها تأثير كبير على الأمن الغذائي، ارتفعت أسعار الخبز بالفعل، وسترتفع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير.
وسوف تعيق التداعيات المستمرة للأزمة المالية قدرة الاقتصاد اللبناني على النهوض من الانفجار، مع جفاف القطع الأجنبي والقيود والضوابط على حركة رأس المال والسحوبات المصرفية، كان المستوردون يكافحون من أجل دفع ثمن السلع المستوردة، لذا سيضاعف الانفجار من منعكسات الأزمة الاقتصادية والمالية على الاقتصاد ومن المرجح أن تضرب العملة المتعثرة أساساً مما يؤدي إلى مزيد من الانخفاضات في الليرة اللبنانية، التي انخفضت من 1507 ليرة لبنانية إلى الدولار إلى أكثر من 8000 ليرة لبنانية، مما يجعل الواردات أكثر تكلفة.
يعتبر ميناء بيروت شريان الحياة الاقتصادي للبنان وهو المركز اللوجستي الرئيسي في البلاد حيث 70% من قنوات التجارة تمر عبر ميناء بيروت وهو حيوي بالنسبة لكثير من المواد الغذائية والحبوب والوقود التي يستوردها لبنان، وستشعر العائلات على الفور بنقص الاحتياجات الأساسية نتيجة لهذه المأساة.
يمكن للمطارات والموانئ الأخرى في البلاد تعويض 30-40٪ فقط، وفتح الحدود مع سورية يمكن أن يؤمن 20٪ أخرى، وبدون برنامج مساعدات دولية لا يمكن للبنان أن يواجه هذه الكارثة.
إن ميناء طرابلس ليس مهيئاً للتعامل مع كمية الواردات الغذائية المطلوبة، وهناك حاجة ملحة للاستيراد، وليس لدى الحكومة العملة الأجنبية للقيام بذلك.
العديد من سكان المدينة غير قادرين على العودة إلى منازلهم، وتعاني لبنان من نقص في المعدات الطبية، وخاصة المواد اللازمة لإجراء عمليات جراحية كبرى، وقد أفادت المستشفيات في بيروت أنها غير قادرة على علاج المزيد من الضحايا حيث امتلأت مئات الأسرّة على الفور بعد الانفجار. وقال المسؤولون إنهم يتوقعون أن يرتفع عدد القتلى أكثر.
بعد أشهر من البؤس الاقتصادي وانهيار العملة وتصاعد الاضطرابات، ينظر إلى الكارثة على أنها نتيجة سنوات من الإهمال وسوء الإدارة المالية والفساد كما هو الحال في جميع أنحاء البلاد.