أثار قرار الحكومة الأسترالية الذي هددت فيه بسجن مواطنيها إن هم عادوا إلى وطنهم من الهند إدانات واسعة، إذ وصفت الجهات التي انتقدت هذا الإجراء بسبب تفشي كورونا بأنه “عنصري” ويشكل انتهاكا لحقوق الإنسان.
ويواجه أي أسترالي يعود إلى بلاده من الهند اعتبارا من يوم الاثنين فرض غرامات عليه والسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.
ويأتي هذا القرار في أعقاب تفشي وباء كورونا في الهند ويسري مفعوله حتى تاريخ 15 أيار/ مايو2021.
ورفض رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، الاتهامات التي اعتبرت هذا القرار عنصريا.
وقال لإذاعة محلية “2GB” في مدينة سيدني: “الاتهامات نفسها طالت الحكومة منذ أكثر من عام عندما أُغِلقت الحدود مع البر الصيني”.
وأضاف قائلا: “الجائحة لا تعرف الاعتبارات السياسية أو الإيديولوجية.. لا يتعلق الأمر بالسياسة، هذا فيروس”.
وتناقلت وسائل إعلام محلية أن هذه السياسة جرمت ولأول مرة الأستراليين بسبب العودة إلى بلدهم.
وتشير التقديرات إلى أن 9000 أسترالي موجودون في الهند، ويُصنف 600 شخص منهم على أنهم معرضون للخطر.
وقالت الحكومة إن هذه الإجراءات، التي أُعلن عنها يوم السبت، جاءت استجابة لنصائح طبية بهدف حماية المجتمع.
ويشهد الفيروس انتشارا واسعا في الهند، بحيث أن الحالات المسجلة يوميا في البلد وصلت إلى 300 ألف حالة لليوم العاشر على التوالي.
وقال مسؤولون إن ارتفاع معدلات الإصابة لدى الأستراليين العائدين إلى بلدهم خلال الأسبوعين الماضيين أثار المخاوف.
واتبعت أستراليا استراتيجية تهدف إلى القضاء على جائحة كورونا من خلال فرض قيود صارمة على الحدود والحجر الصحي الإلزامي – ونتج عن هذه السياسة تسجيل وفيات بلغت 910 وفيات، أي أقل بكثير من بلدان أخرى.
وقالت وزيرة الخارجية، ماريس باين، إن نسبة الأستراليين القادمين من الهند بلغت 57 في المئة من الحالات المصابة بكوفيد والتي تخضع لإجراءات الحجر، أي تسجيل ارتفاع مقارنة بـ 10 في المئة خلال الشهر الماضي.
وأضافت أن عدد العائدين من الهند وضع “عبئا كبيرا جدا على الخدمات الصحية والطبية”.
بيد أن الجهات التي انتقدت هذا القرار، ومن ضمنهم الخبراء الطبيون والقانونيون، يرون أن خطوة الحكومة القاضية بتجريم المواطنين القادمين من الهند متطرفة وغير متناسبة مع المخاطر الصحية.
وقالت السيناتورة الاتحادية عن حزب الخضر، مهرين فاروقي، في تغريدة على “تويتر” إن الإجراءات “مروعة للغاية وعنصرية”.
وقال أندرو بولت، وهو محافظ ومعلق بارز في وسائل الإعلام، إن هذه السياسة “وضيعة وغير عقلانية بحيث يجب أيضا أن نحمل العنصرية السبب”.
ومضى قائلا: “لا أصدق أن بإمكاننا أن نفرض مثل هذا الحظر على السفر على الأستراليين من ذوي البشرة البيضاء الذين، مثلا، يهربون من إنكلترا”.
وأشار توم سوتفوماسان، المفوض الأسترالي المعني بالتمييز العرقي السابق، إلى “عدم انسجام” السياسة الحكومية، إذ أشار إلى عدم فرض السلطات أي حظر أو عقوبات إجرامية على الأستراليين العائدين إلى بلدهم من بلدان أخرى في أوج تفشي جائحة كورونا.
وقال لصحيفة “مورنينغ هيرالد”، “لم نشهد معاملة تفاضلية تشمل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وأي بلد أوروبي آخر بالرغم من أن معدلات الإصابة كانت مرتفعة جدا والخطر الذي شكله القادمون من تلك البلدان كان مرتفعا جدا”.
ومضى قائلا: “يتم اعتماد معايير مختلفة هنا بناء على الجزء من العالم الذي نأتي منه”.
وعبر أعضاء في الجالية الهندية-الأسترالية، التي تضم نحو 2.6 في المئة من سكان أستراليا، عن غضبهم من الحظر المباغت الذي فرضته السلطات. وقال بعض الأعضاء لل”بي بي سي” إنهم يشعرون بمعاملتهم كمجرمين و”مواطنين من الدرجة الثانية” بسبب رغبتهم في الهروب من الخطر.
وأثار خبراء قانونيون أيضا مخاوف من أن الحظر المؤقت ينتهك القانون الدولي. ويتضمن هذا حق المواطنين في عدم حرمانهم من الدخول إلى بلدهم بشكل تعسفي – وهو الحق المعترف به في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي وقعت عليه أستراليا.