تداولت صفحات “فيسبوك” لبنانية صور لإتلاف عدد كبير من علب حليب الأطفال بعد احتكارها ،قدرت بنحو 20 طناً، وهي مخصصة للأطفال ما دون السنة وما بين السنة و٣ سنوات.
ووفقا للصفحات اللبنانية ،فإن هذه الكميات كانت موجودة في إحدى المستودعات، وقد جرى تلفها بعد انتهاء فترة صلاحية استخدامها.
ولقيت الصور ردود فعل غاضبة، خاصة وأن المواد شبه مفقودة وغالبيتها مخبأة بعيدا عن متناول من يحتاجها فعلقت إحدى الناشطات على فيسبوك :” حتى مزابل التاريخ لن تتقبلكم، اللعنة على كل من له يد في ما يحدث وما حدث وما سوف يحدث…”.
وتوقعت إحدى المتابعات أن يلحق الإتلاف بجميع المواد المفقودة من السوق اللبناني بسبب الاحتكار فقالت:”يلا قريبا كمان بتلاقوا تلف لكل الادوية اللي هلق مقطوعة، لانو المستودعات بعدا مخبيتا ناطرة يرفعوا الدعم، والله انو ربنا عم يمد هالناس بالطغيان من ورا قلة اخلاقن وعم يروح الصالح بعزا الطالح”.
وشهدت الأسواق اللبنانية انقطاع لمادة حليب البودرة، لاسيما المخصص للأطفال من عمر السنة وحتى الـ3 سنوات. وبحسب التجار فإن الكميات المستوردة حديثاً لم يتمكن المستوردون من إدخالها إلى الأسواق قبل اجراء الفحوصات اللازمة عليها في المختبرات الغذائية علماً ان هذه المختبرات مشمولة بقرار الإقفال العام، والأمر نفسه بالنسبة إلى إدخال أصناف جديدة بديلة إلى الأسواق بأسعار أقل لتغطية النقص في استيراد العلامات التجارية المطلوبة بحسب موقع” الحرة”.
وفي ظل هذه الأزمة، تخترق الأسواق أصناف وماركات جديدة من الحليب، بعضها غير حائز على التراخيص اللازمة ولم تجر عليها الفحوصات المخصصة، تصل إما عن طريق التهريب أو بالوساطات، إضافة إلى منتجات محلية يلجأ الأهالي إليها من باب التوفير المالي من جهة وتأمين بديل عن الأصناف المنقطعة من جهة أخرى. وبعض تلك الأصناف مطابق صحياً ولكن لا يطابق ما يحتاجه الأطفال.
ومن جهته أكد أحد مستوردي مادة الحليب لـ”الحرة” أن “عملية الاستيراد لم تتوقف وإنما باتت تمر بعراقيل جمة تؤخر وصول البضاعة إلى لبنان، “أكثر الأنواع انقطاعا هو الحليب رقم 3 أي الذي يتناوله الأطفال من عمر سنة إلى ثلاث سنوات، جرى دعمه على سعر المنصة أي 3900 ليرة للدولار الواحد، خلافاً للحليب المخصص للأطفال دون السنة المدعوم بنسبة 85% على سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة للدولار.”
المشكلة الرئيسية بحسب المستورد أن الشركات الكبرى المصنعة تعمل وفقاً لجداول تاريخ الصلاحية القصير نسبياً مع الحليب، مع الأخذ بالحسبان عملية التصدير والتوزيع وبالتالي هي في سباق مع الوقت لا يمكنها ان تنتظر موافقة مصرف لبنان على صرف الأموال وتحويلها، تفضل إعادة تصدير الطلبيات إلى دول أخرى حيث المعاملات أسهل.
في المقابل باتت التجارة غير مربحة بالنسبة للمستوردين في لبنان ونسبة المخاطرة عالية جداً إذ بات العمل مع وزارة الصحة ومصرف لبنان يتم على قاعدة “على الوعد يا كمون”، فالدعم المقدم من مصرف لبنان يتطلب وقتاً لتحويل الأموال والحصول على الموافقة قد تمتد إلى أكثر من 6 أشهر وبالتالي تتأخر تلبية السوق المتزايدة بفعل عملية التخزين والتهافت على الشراء.
ونقلت “الحرة “عن المستورد الذي رفض الكشف عن اسمه كي لا يتأثر عمله بالكيديات، “بات التجار أنفسهم مترددون في عملية الاستيراد” مضيفا : “يخافون من خسارة رساميلهم في ظل تأخر مصرف لبنان بتحويل أموالهم، فيما يدفعون هم أموالهم بـ”الفريش” دولار بنسبة 15% وبعضهم يعمد إلى تسريع عملية الاستيراد لدفع كامل الفواتير بالدولار وانتظار التعويض من مصرف لبنان، لذلك لم تعد تلبى كامل حاجة السوق واستمرت فقط الشركات الكبيرة التابعة أصلا لمصانع الحليب في الخارج بالاستيراد إلى لبنان حتى أن بعضهم توقف بسبب هذه المعمعة في التكلفة، فلا أحد يريد أن يبيع علبة الحليب بـ12 ألف ليرة لبنانية فيما تكلفتها تتوقف عليه في مصنعها في الخارج بـ26 ألف ليرة، بانتظار تعويض وزارة الصحة ومصرف لبنان”.
يذكر أن حليب البودرة كان سببا في انتشار مقطع فيديو لشجار بين لبنانيين من أجل كيس الحليب في بداية أزمة لبنان الاقتصادية.