هاشتاغ – رأي- رشا سيروب
نظام الغذاء والزراعة لدينا في أزمة، هذا ما أظهره برنامج الأغذية العالمي، الذي كشف عن زيادة عدد السوريين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بـ 3.1 مليون سوري في غضون ستة أشهر فقط، ليصل العدد الإجمالي إلى 12.4 مليون سوري حتى نهاية العام 2020، أي ما يقارب 60% من السوريين يعانون من انعدام الأمن الغذائي من بينهم 1.3 مليون يواجهون انعدام أمن غذائي شديد.
المزارعون ليسوا السبب..
ساهم غياب رؤية استراتيجية زراعية واضحة طوال سنوات الحرب وما قبلها، وسياسات “الإغفال الحكومي” لواقع وأهمية الزراعة، إلى تحويل “الزراعة” من أحد أكثر القطاعات الاجتماعية في الاقتصاد إلى نظام تجاري “بحت” قائم على الربح، خلقت معه شبكات احتكار أثْرت أصحابها، وألحقت الضرر الاقتصادي الكبير بأغلبية المزارعين، حيث تم استنزاف الثروة من المجتمعات الريفية ونزوح المزارعين خارج أراضيهم لاستكمال دخلهم بوظائف خارج المزرعة. وبهذا بدأت الاختلالات الوظيفية في الزراعة.
ورغم كل ما يشاع عن تخصيص مليارات الليرات السورية لدعم الزراعة، غير أن شريحة واسعة من المزارعين وأصحاب الحيازات وسكان الأرياف لم يشعروا بها … وأقل ما يمكن أن يقال أنه “تم التخلي عنهم”.
كيف نبدأ في تغيير كل هذا؟!!
قد يرى البعض أن المعنيين بوزارة الزراعة هم بضعة مئات الألوف من المزارعين واتحاد الفلاحين وغرف الزراعة والوحدات الإرشادية، لكن هذا التصور يتعارض مع الحقيقة الجوهرية، وهي أن المهمة الأساسية لوزارة الزراعة يجب أن تتركز في العمل على ضمان سلامة الغذاء والأمن الغذائي والقضاء على الجوع وحماية الموارد الطبيعية والمجتمعات الريفية الحاضنة، أي أن مهام وزارة الزراعة يجب أن تكون على النحو الذي تصوّره الرئيس الأميركي “لينكولن” عندما أطلق على وزارة الزراعة الأميركية اسم “وزارة الشعب”.
فالزراعة تخص كل الشعب، والبضعة مئات ألوف المزارعين هم المسؤولين تجاه الشعب على ضمان إنتاج الغذاء الذي نأكله.
وكي يكون لدى سورية فرصة للخروج من فخ الفقر والجوع، يجب أن تخرج الزراعة من شبق النمو السالب، ولا يمكن ذلك دون دعم سياسي حقيقي وفعّال للمجتمعات الريفية وإعطاء الأولوية للزراعة وضمان حقوق المزارعين في البذور والمياه الآمنة وهياكل التسعير التي تضمن استمرارية عمل المزرعة؛ ويكون للمزارعين والعمال والمستهلكين والنساء وغيرهم صوت حقيقي في عملية صنع السياسات.